للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بني إسرائيل يعمل بمسحاة له، فأصاب أباه فشجه، فقال: لا يصحبني ما فعل بأبي ما فعل، فقطع يده، فبلغ ذلك بني إسرائيل، ثم إن ابنة الملك أرادت أن تصلي في بيت المقدس فقال: مع من نبعث بها؟ قالوا: فلان، فبعث إليه فقال: أعفني، فقال: لا، قال: فأجلني إذًا أيامًا، قال: فذهب فقطع مذاكيره، فلما برأ وضع مذاكيره في حق، ثم جاء به وخاتمه عليه، فقال: هذه وديعتي عندك فاحفظها.

قال: ونزله الملك منزلًا منزلًا، أنزل يوم كذا وكذا، فإذا أتيت بيت المقدس فأقم فيه كذا وكذا، وإذا أقبلت فأقبل يوم كذا وكذا، فوقَّت له وقتاً، فلما سار جعلت ابنة الملك لا تقتدي به تنزل حيث شاءت، وترحل متى شاءت، وجعل إنما يحرسها وينام عندها، فلما قدم عليه قالوا له: إنما كان ينام عندها.

قال له الملك: خالفت أمري، وأراد قتله.

فقال: اُردد علي وديعتي، فلما ردها فتح الحق، وكشف عن مثل الراحة، ففشا ذلك في بني إسرائيل، قال: فمات قاض لهم، فقالوا: من نجعل مكانه، قالوا: فلان، فأبى، فلم يزالوا به حتى قال: دعوني حتى أنظر في أمري، فكحل عينيه بشيء حتى ذهب بصره.

قال: ثم جلس على القضاء، فقام ليلة فدعا الله، فقال: اللهم إن كان هذا الذي صنعت لك فيه رضي فاردد عليَّ خَلْقي أحسن ما كان.

قال: فأصبح وقد رد الله عليه بصره ومقلتيه أحسن ما كانتا، ويده، ومذاكيره (١).


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٤/ ٣٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>