والحاصل: أنَّ الذي استقر عليه الأمر أنَّ التشبه بأهل الكتاب منهي عنه في الجملة، وأنَّ مخالفتهم في هَدْيِهِم مشروعة وجوباً أو ندباً، في أصل الفعل أو في هيئته.
فإن كان الأمر المشروع عندهم مشروعاً عندنا كصوم يوم عاشوراء ودفن الميت، خالفناهم في صفة ذلك الأمر، فنصوم يوماً قبل عاشوراء أو بعده، ونختار في الدفن اللَّحد حيث اختاروا الشق كما سيأتي.
وإن كان المشروع عندهم منسوخاً عندنا كالسبت، والامتناع من أكل الشحوم، خالفناهم في أصل ذلك الأمر، ولم نكتف بمخالفتهم في الوصف.
وكذلك فيما لم يكن مشروعاً عندهم ولا عندنا مما ابتدعوه؛ كمحاباة اليهود الأشراف في الحدود، وتحويل النصارى صوم رمضان إلى أيام الربيع، وزيادة الصوم فيه على ثلاثين يوماً، بل موافقتهم في ذلك أقبح من موافقتهم فيما كان مشروعاً عندهم، ثم نسخ عندنا، وإن كان الكل قبيحاً لأنَّا مأمورون بمخالفة المبتدعة من أهل الملة، فكيف بالمبتدعة من غيرهم.
* تَنْبِيْهٌ:
ما ينهى عن التشبه فيه بأهل الكتاب هو ما تَلَبَّسُوا به مما نهاهم عنه أنبياؤهم قبل نسخ دينهم أو مما ابتدعوه ولم يكن مشروعاً، ثم نسخ.
فأما ما لم يقبل النسخ، واتَّفقت عليه الأمم كالتوحيد وأصول