للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن مردويه عن أنس رضي الله تعالى عنه: أنه سئل عن يوم الأربعاء فقال: يوم نحس مستمر.

قالوا: كيف ذاك يا رسول الله؟

قال: "غَرِقَ فِيْهِ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَأَهْلَكَ عادًا وَثَمُوداً" (١).

وإذا كان كذلك فينبغي أن يتيمَّن به أهل الإيمان ولا يتشاءموا، بل إن جاز التشاؤم والتطير بالأربعاء بهلاك عاد فيه فليجز التطير بسائر أيام الجمعة لما علمت بنص القرآن العظيم أنهم هلكوا في مجموع الأسبوع سبع ليال وثمانية أيام حسوم.


= للرسل، و (مستمر) صفة للنحس لا لليوم، ومن ظن أنه صفة لليوم، وأنه كان يوم أربعاء آخر الشهر، وأن هذا اليوم نحس أبدًا فقد غلط وأخطأ فهم القرآن، فإن اليوم المذكور بحسب ما يقع فيه، وكم لله من نعمة على أوليائه في هذا اليوم، وإن كان له فيه بلايا ونقم على أعدائه، كما يقع ذلك في غيره من الأيام، مسعود الأيام ونحوسها إنما هو بسعود الأعمال وموافقتها لمرضاة الرب، ونحوس الأعمال مخالفتها لما جاءت به الرسل، واليوم الواحد يكون يوم سعد لطائفة ونحس لطائفته، كما كان يوم بدر يوم سعد للمؤمنين ويوم نحس على الكافرين، فما للكوكب والطالع والقرانات، وهذا السعد والنحس، وكيف يستنبط علم أحكام النجوم من ذلك، ولو كان المؤثر في هذا النحس هو نفس الكوكب والطالع لكان نحساً على العالم، فأما أن يقتضي الكوكب كونه نحساً لطائفة سعداً لطائفة فهذا هو المحال.
(١) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٧/ ٦٧٧). وقال في "اللآلئ المصنوعة" (١/ ٤٤٢): فيه أبو الأخيل متهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>