للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شيء أقصم لظهر الشيطان من ذكر الرحمن، أنزل الله تعالى في كتابه الذي أنزله على نبيها - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: ٧٦]؛ أي: لا يقوم كيده ولا سلطانه مع سلطان الذكر، فظهر بذلك فضل هذه الأمة على الأمة التي نزل في كتابها أنَّ لإبليس سلطاناً يزلزل به البشر.

وأين ذلك من قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: ٤٢]، وهم المتقون الذين يفرون من الشيطان إلى الذكر كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: ٢٠١].

وروى أبو نعيم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال: إن إبليس مُوثق في الأرض السفلى، فإذا تحرك كان كل شر على الأرض بين اثنين من تحركه (١).

قلت: ومن هنا استحب للغضبان أن يتعوَّذ من الشيطان ليسكن غضبه؛ لأن حركة الشيطان تبطل بالذكر كما دلت الآية السابقة عليه، لأن الغضب من جملة طائف الشيطان.

وقد فسره ابن عباس بالغضب، كما رواه عبد بن حميد، وابن أبي حاتم (٢).

ورواه ابن أبي الدنيا في "ذم الغضب"، وغيره عن مجاهد رحمه الله تعالى (٣).


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (٥/ ١٦٤٠).
(٣) ورواه الطبري في "التفسير" (٩/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>