للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومسكن النجباء مصر، ومسكن الأبدال الشام، والأخيار سائحون في الأرض، والعُمُدُ في زوايا الأرض، ومسكن الغوث مكة، فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيها النقباء، ثم النجباء، ثم الأبدال، ثم الأخيار، ثم العُمُدُ، فإن أجيبوا وإلا ابتهل الغوث، فلا تتم مسألته حتى تُجاب دعوته" (١).

والنقباء جمع نقيب، وهو التعريف والشاهد، وكأنه أطلق النقباء على الأوتاد، وقد سبق أنهم من الأبرار، ويحتمل أن منهم شهداء.

والنجباء جمع نجيب، وهو الكريم؛ سُمَّوا نُجباء لكرمهم وتقدمهم، وهم فوق الأوتاد إلا أنهم لم يبلغوا رتبة الأبدال.

واعلم أنه كما يطلب التشبه بالأنبياء والصديقين، فكذلك يطلب التشبه بالأبدال لأنهم خيار الصديقين كما علمت، وقد تقدم في كلام أبي الدرداء وأبي الزناد جملة من أخلاقهم التي يحسن التشبه بهم فيها مثل: حسن الخلق، وصدق الورع، وحسن النية، وسلامة القلب، والنصيحة للمسلمين ابتغاء مرضاة الله تعالى، ويدخل فيها الدعاء والتوسل إلى الله تعالى في أمورهم كما يشير إليه كلام الكتاني.

وقال أبو الزناد في بقية كلامه السابق في أوصافهم: وعلم ذلك أنهم لا يلعنون أحدًا، ولا يؤذون أحدًا، ولا يتطاولون على أحد تحتهم ولا يحتقرونه، ولا يحسدون أحدًا فوقهم، ليسوا بمتخشعين ولا متهاونين ولا معجبين، لا يحبون الدنيا, ولا يحبون للدنيا, وليسوا اليوم في


(١) رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (٣/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>