للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتكفروها، أم يحملكم الجزع من البلاء على جحد ما سبق من النعم، وسخط قدره الله فيكم، فالخير الدنيوي لا يكون خيراً حقيقةً إلا إذا قاد صاحبه إلى خير الآخرة، وقد سمِّي المال خيراً في قوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: ١٨٠]، {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣]، {أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} [ص: ٣٢]، {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨)} [العاديات: ٨] إما باعتبار أنه خير عند أهله، وإما باعتبار ما يؤول إليه من الخير إذا أنفقه في وجوه الخير، وأما باعتبار أنه يلهي ويطغي فلا خير فيه، ولذلك قال الله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ}، ثم قال: {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: ١٣١].

وقال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (٤٦)} [الكهف: ٤٦].

وقد اشتهر تفسير {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} بالأذكار المشهورة، وسيأتي قريباً.

والأحسن تعميمها في كل عمل صالح، [قال قتادة] (١) كل شيء من طاعة الله فهو من الباقيات الصالحات.

وسئل قتادة عن الباقيات الصالحات فقال: كل ما أريد به وجه الله. رواهما ابن أبي حاتم (٢).


(١) بياض في "م"، والمثبت من "ت".
(٢) انظر: "االدر المنثور" للسيوطي (٥/ ٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>