للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاللاعب فيمن مضى. رواه الإمام أحمد في "الزهد" عن مجاهد، عنه (١).

ورواه في موضع آخر منه عن مجاهد؛ قال: ذهب العلماء فما بقي إلا المتعلمون، وما المجتهد اليوم إلا كاللاعب فيمن كان قبلكم (٢).

وإنَّما كان ذلك لغلبة الهوى على الناس، ومحبة الدنيا جيلاً بعد جيل، ولأنَّ محبة السابقين كانت أمكن، ومعرفتهم كانت أظهر وأبين لمشاهدة الأولين منهم من كان يوحى إليه - صلى الله عليه وسلم -، ومخالطة التالين لهم هؤلاء الذي شاهدوا أحواله - صلى الله عليه وسلم -، وعملوا على الاقتداء به، ثم تقهقر الناس.

ومن هنا فسرت عائشة رضي الله عنها السابق ممن مضى على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وروى الثعلبي وغيره عن عقبة بن صهبان قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها فسألتها عن قول الله عز وجل: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر: ١٣٢] فقالت: يا بني! كلهم في الجنة؛ أما السابق بالخيرات فمن مضى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما المقتصد فمن اتبع أثره من أصحابه حتى لحق به، وأما الظالم فمثلي ومثلكم، فجعلت نفسَها معنا (٣).


(١) رواه الإمام أحمد في "الزهد" (ص: ٣٧٨).
(٢) ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٥٤٤٨).
(٣) رواه الثعلبي في "التفسير" (٨/ ١٠٩)، وكذا أبو داود الطيالسي في "المسند" (١٤٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>