للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "وَإِنْ أَسَاؤوا أَنْ لا تَظْلِمُوا" وهو شامل للعفو والانتصار، إلا أن العفو صاحبه سابق؛ لأنه محسن مانٌّ بالعفو.

قال أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - وهو من أفضل السابقين -: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرِ أَخْلاقِ الأوَّلِيْنَ وَالآخِرِيْنَ؟ " قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: "تُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُو عَنْ مَنْ ظَلَمَكَ، وَتَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ". رواه البيهقي في "الشعب" (١).

وروى ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَنْ يَنَالَ عَبْدٌ صَرِيْحَ الإيِمَانِ حَتَّى يَصِلَ مَنْ قَطَعَهُ، وَيَعْفُوَ عَنْ مَنْ ظَلَمَهُ، وَيغْفِرَ لِمَنْ شَتَمَهُ، وَيحْسِنَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ" (٢).

وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحل بذروته - أي: حتى يسبق إلى أعلى خصاله - قال: ولا يحل بذروته حتى يكون الفقر أحب إليه من الغنى، والتواضع أحب إليه من الشرف، وحتى يكون حامده وذامُّه عنده سواء.

قال عون بن عبد الله: ففسرها أصحاب عبد الله؛ قالوا: حتى يكون الفقر في الحلال أحب إليه من الغنى في الحرام، وحتى يكون التواضع في طاعة الله أحب إليه من الشرف في معصية الله، وحتى يكون حامده


(١) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٧٩٥٦).
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (ص: ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>