وفيه تحذير من مثل ما كان عليه الأمم الماضون من الظلم، وتخويف من مثل غبه.
وفي قوله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ}[غافر: ٢٨]، وقوله:{كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ}[غافر: ٣٤] إشارة إلى أنَّ الإصرار على المعاصي، والكذب، والارتياب في الدين قد يكون سببًا لسد أبواب الهداية عن العبد، بخلاف الطاعة فإنها تفتح باب الهدى لأنها شكر.
وقد قال تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم: ٧]، والنعمة قيدها شكرها، وفي كفرانها تعريض لها للزوال، وذلك إنما أورده مؤمن آل فرعون على سبيل النصيحة لهم والتحذير، وهو من الحكم البالغة، وفيه أنَّ من أحوال الصديقين النطق بالحكمة.
وفي قوله:{يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ}[غافر: ٣٨]
(١) رواه الإِمام أحمد في "الزهد" (ص: ٥٣)، وابن أبي الدنيا في "قصر الأمل" (ص: ١٠١)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٣٤).