للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل لك إلى صاحبك؛ يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ فقال: نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك في خبر السماء في غدوة وروحة، ولذلك سمي الصديق (١).

وفي رواية: في خبر السماء، في ساعة من ليل أو نهار، فهذا أبعد مما تعجبون منه، ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: يا نبي الله! حدثت هؤلاء أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة؟ قال: "نَعَمْ"، قال: يا نبي الله! فصفه لي؛ فإني قد جئته، قال الحسن: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رُفِعَ لِي حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصفه لأبي بكر - رضي الله عنه -، فيقول أبو بكر: صدقت، أشهد أنك رسول الله، كلما وصف له منه شيئاً قال: صدقت، أشهد أنك رسول الله، حتى إذا انتهى، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر - رضي الله عنه -: "وَأَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ الصدِّيْق"؛ فيومئذ سماه الصديق (٢).

قال المحب الطبري رحمه الله تعالى في "الرياض النضرة": قول أبي بكر - رضي الله عنه -: "صفه لي" يحتمل معنيين:

أحدهما: إظهار صدقه - صلى الله عليه وسلم - لقومه؛ فإنهم كانوا يتقوون بقول أبي بكر - رضي الله عنه -، فإذا طابق خبره - صلى الله عليه وسلم - ما كان يعلم أبو بكر، وصدقه به، كان حجة ظاهرة عليهم.

الثاني: طمأنينة قلبه - رضي الله عنه -، كقول إبراهيم عليه الصلاة والسلام:


(١) رواه الحاكم في "المستدرك" (٤٤٠٧) عن عائشة رضي الله عنها.
(٢) انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>