أي: الذين داموا على الإيمان، واستقاموا عليه، فلا يكون كل مؤمن صديقا ولا شهيداً، خلافاً لمن أخذ بظاهر الآية إلا من حيث دوامه على الإيمان والصدق فيه، كما تقدم.
وكيف يصلح للشهادة لله تعالى من هو غير مصدق به، ولا مصدق له، ولا صادق في تصديقه.
وكذلك لا يصلح العالم المتفسق للأخذ عنه، والرواية، فلابد من عدالته؛ لأن الرواية شهادة فلا يتم التشبه بالعلماء إلا بالعدالة، وهي داخلة في العمل بالعلم، وقد تقدم الكلام على ذلك.
وأما التشبه بالصديقين فلا يتحقق العبد به حتى يترقى في مقامات الدين، ويتصفى عن كدورات التلوين، ولا يتم ذلك إلا لمن قطع مقامات الأبرار، وعبر مقامات المصطفين الأخيار، فيكون مسلماً صادقاً في إسلامه، حنيفًا صادقاً في تحنفه، مؤمناً صادقاً في إيمانه، ثم باراً صادقاً في بره، ثم صديقا، ولا يكون باراً حتى يعبر أول مقامات الإحسان؛ لما قررته لك سابقا من أنَّ البر هو الإحسان، وأول مقامات الإحسان أن يلاحظ وجه الله تعالى في كل أعماله وأقواله، ويراقبه في لحظاته، وحركاته، وسكناته بأن يعلم أنَّ الله تعالى مطلع على سره وعلانيته، وعلى باطنه وظاهره.
وقد روى البيهقي في "الأسماء والصفات" عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ إِيْمَانِ المَرْءِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللهَ