للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه: أن الإحسان الصوري ليس معتدًا به حتى يكون مقرونا بتقوى القلب، ولذلك جمع الله بينهما في قوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢].

واعلم أنَّ الله تعالى أمرنا في هذه الآية بالبر والتقوى، ولم يذكر ثوابهما فيها، وإنما ذكره في آيات أخر، فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: ١٢٨].

قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى في هذه الآية: اتقوا فيما نهاهم الله عنه، وأحسنوا فيما أمرهم الله به.

وهذا أعم مما رواه عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن أنه قال في الآية: اتقوا فيما حرم الله عليهم، وأحسنوا فيما افترض الله عليهم (١).

وهو موافق لما ذكره القشيري في الآية السابقة.

والمراد بهذه المعية معية الكَلأَة والحفظ، بحيث يكون العبد بالله في حركاته وسكناته، لا معية القدرة المشار إليها في قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: ٤]؛ فإنها قد تكون للإضلال والانتقام.

قال ممشاء الدينوري - رضي الله عنه -: رأيت ملكا من الملائكة يقول لي: من


(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢/ ٣٦٤)، والطبري في "التفسير" (١٤/ ١٩٨)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٥/ ١٨٠) إلى سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>