فقال سهل: أما علمت أن الصبيان إذا بكوا يعطون خشخاشة ليشغلوا بها (١)؟
وإنما جاز ظهور الخارق على الأولياء -وإن كان بعضه زائدًا في المعنى على معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام- لكون كرامة الولي معجزة لنبيه؛ لأن الكرامة إذا ظهرت على التابع كانت دليلاً على صدق المتبوع وصحة طريقه.
وقد صرح القشيري، وغيره أن ذلك من جملة المعجزات لنبي ذلك الولي مع أن النبي لا يتحدى بها فيصدق بأنها معجزة بلا تحد، فيرد ذلك على اشتراطهم اقتران المعجزة بالتحدي.
وقد يقال: إن مما جاء به الأنبياء عليهم السلام الإيمان بكرامات الأولياء، وأن الأولياء من كل أمة هم أخيار أتباع نبيها، فيعرف بذلك أن كل نبي فهو متحد بظهور الكرامة على أولياء أمته.
ومما تتبعته من قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وسير السلف الصالحين من العلماء والأولياء من أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - أننا لم نر معجزة لنبي تقدم قبل زمان نبينا - صلى الله عليه وسلم - إلا نرى مثلها أو قريبًا منها اتفق في كرامات أولياء هذه الأمة المحمدية.
وأرجو من كرم الله تعالى أن يوفقني لتأليف كتاب لطيف في تفاصيل ذلك.