تضمنت الجملة السابقة من الآية تذكير المؤمنين بنعمة عظيمة هي خلقه تعالى الطيبات من الرزق، وايصالها إليهم، ثم إذنه لهم في التمتع بها، وأمرهم في هذه الجملة بأن يصلوا نعمه بالشكر، فقال تعالى:{وَاشْكُرُوا لِلَّهِ}، وشكر الله: الاعتراف بنعمته على وجه التعظيم، وهذا يستدعي امتثال ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.
والعبادة: الخضوع والطاعة، ودل قوله:{إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} على أن شكره تعالى لا يتحقق إلا مع التوحيد الخالص. فالمعنى: واشكروا لله إن كنتم تخصونه بالعبادة.
أذن تعالى في التمتع بالطيبات، وأردف ذلك بتحريم الخبيثات، وهي: الميتة، وما عطف عليها. والميتة: ما فارقه الروح من غير ذكاة شرعية، حرم كلها؛ لفساد الجسم بذبول أجزائه وتعفنها. والدم المحرم: ما يسيل من الحيوان الحي، كثيراً كان أم قليلاً. ويحرم من دم الحيوان حلال الأكل بعد تذكيته ما كان جارياً، وذلك معنى قوله تعالى في الآية الأخرى:{أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}[الأنعام: ١٤٥]. وحرمة الخنزير شاملة للحمه وشحمه وجلده. وإنما خص اللحم بالذكر؛ لأنه الذي يقصد بالأكل. ووجه تحريمه: قذارته، واشتماله على دودة تضر ببدن آكله. وأُهِلَّ: من الإهلال، وهو رفع الصوت، يقال: أهل المحرِم: إذا رفع صوته بالتلبية. والإهلال بالذبيحة لغير الله: