في السبخة من أصحاب ابن مطيع، فقدّم إبراهيمُ خُزيمة بن نصر إلى حسَّان بن فائد في الخيل، ومشى إبراهيم نحوه في الرجال. فقال:
والله ما اطَّعنَّا برمح، ولا اضطَربْنَا بسيف، حتَّى انهزموا، وتَخلَّف حسان بن فائد في أخرَيات الناس يَحميِهم، وحمل عليه خزيمة بن نصر، فلمَّا رآه عرفه، فقال له: يا حسَّان بن فائد، أما والله لولا القرابة لعرفت أني سألتمس قتلَك بجهدي، ولكن النّجاءَ، فعثَر بحسَّانَ فرسُه فوقَع، فقال: تعسًا لك، أبا عبد الله! وابتدره الناس فأحاطوا به، فضارَبَهم ساعة بسيفه، فناداه خزيمة بن نصر، قال: إنَّك آمن يا أبا عبد الله، لا تقتل نفسَك، وجاء حتّى وقف عليه ونَهنَه الناسَ عنه، ومرّ به إبراهيم، فقال له خزيمة: هذا ابن عمِّي وقد آمنته؛ فقال له إبراهيم: أحسنتَ فأمر خزيمة بطلب فرسه حتى أتِيَ به فحمَلَه عليه، وقال: الحق بأهلِك.
قال: وأقبل إبراهيم نحوَ المختار، وشبَث محيط بالمختار ويزيد بن أنس، فلمَّا رآه يزيد بن الحارث وهو على أفواه سِكَك الكوفة الَّتي تلي السَّبَخة، وإبراهيم مقبل نحو شبَث، أقبل نحوَه ليصدّه عن شَبَث وأصحابه، فبعث إبراهيم طائفةً من أصحابه مع خزيمة بن نصر، فقال: أغْنِ عنا يزيدَ بن الحارث، وصَمَد هو في بقيَّة أصحابه نحو شَبَث بن رِبْعيّ (١). (٦/ ٢٦ - ٢٧).
قال أبو مخنف: فحدّثني الحارث بن كعب أنَّ إبراهيم لمَّا أقبل نحونا رأيْنا شَبَثًا وأصحابَه ينكُصون وراءهم رُوَيدًا رويدًا، فلمَّا دنا إبراهيمُ من شبث وأصحابه، حمل عليهم، وأمرنا يزيد بن أنس بالْحملة عليهم، فحملنا عليهم، فانكشفوا حتَّى انتهوا إلى أبياتِ الكوفة، وحمل خزيمةُ بن نصر على يزيد بن الحارث بن رؤيم فهزمه، وازدحموا على أفواه السِّكَك، وقد كان يزيد بن الحارث وضع راميةً على أفواه السكك فوق البيوت، وأقبل المختارُ في جماعة الناس إلى يزيد بن الحارث، فلمَّا انتهى أصحابُ المختار إلى أفواه السكك رَمتْه تلك الرامية بالنبل، فصدّوهم عن دخول الكوفة من ذلك الوجه، ورجع الناسُ