قال أبو مخنف: حدّثني حَصيرة بن عبد الله، أنّ ابنَ مطيع بعث إلى أهل الجبابين، فأمرهم أن ينضمُّوا إلى المسجد، وقال لراشد بن إياس بن مضارب: نادِ في الناس فليأتوا المسجد، فنادى المنادي: ألا برئتْ الذّمّة من رجل لم يحضر المسجد الليلة! فتوافَى النَّاس في المسجد، فلمَّا اجتمعوا بعث ابن مطيع شَبَث بن رِبْعيّ في نحو من ثلاثة آلاف إلى المختار، وبعث راشد بن إياس في أربعة آلاف من الشُّرَط (١). (٦/ ٢٣).
قال أبو مخنف: فحدّثني أبُو الصَّلْت التيميّ عن أبي سعيد الصّيْقل.
قال: لما صلَّى المختار الغداةَ ثم انصرف سَمعْنَا أصواتًا مرتفعة فيما بين بني سُلَيم وسكَّة البريد، فقال المختار: مَنْ يعلم لنا علم هؤلاء ما هم؟ فقلت له: أنا أصلحك الله! فقال المختار: إمَّا لا فألق سلاحك وانطلق حتى تدخل فيهم كأنك نظّار، ثم تأتيني بخبرهم، قال: ففعلتُ، فلمَّا دنوت منهم إذا مؤذنهم يقيم، فجئت حتَّى دنوتُ منهم فإذا شَبَث بن رِبعيّ معه خيل عظيمة، وعلى خيله شَيْبان بن حُرَيث الضبيّ، وهو في الرجّالة معه منهم كثرة، فلما أقام مؤذنهم تقدّم فصلَّى بأصحابه، فقرأ {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} , فقلت في نفسي: أما والله إني لأرجو أن يزلزل الله بكم، وقرأ:{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} فقال أناس من أصحابه: لو كنت قرأت سورتين هما أطول من هَاتين شيئًا! فقال شَبَث: ترون الدّيْلم قد نزلت بساحتكم، وأنتم تقولون: لو قرأت سورة "البقرة" و"آل عمران"! قال: وكانوا ثلاثة آلاف، قال: فأقبلت سريعًا حتى أتيت المختارَ فأخبرته بخبر شَبَث وأصحابه، وأتاه معي ساعة أتيته سِعْر بن أبي سعر الحنفيّ يركض من قِبَل مراد، وكان ممَّن بايع المختار فلم يقدر على الخروج معه ليلة خرج مخافة الحرس، فلمَّا أصبح أقبل على فرسه، فمرّ بجبَّانة مراد؛ وفيها راشد بن إياس، فقالوا: كما أنت! ومن أنْت؟ فراكضهم حتى جاء المختار فأخبره خبر راشد، وأخبرته أنا خبر شَبث، قال: فسَرّح إبراهيم بن الأشتر قبل راشد بن إياس في تسعمئة - ويقال ستمئة فارس وستمئة راجل - وبعث نعيم بن هبيرة أخا مَصْقلة بن هبيرة في ثلاثمئة فارس وستمئة راجل، وقال لهما: امضيا حتى تلقيَا عدوّكما، فإذا لقيتماهم