للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تصديقُ كلٍّ من الأمرين للآخر، وشهادتُه له، وتزكيتُه له، ونبيِّنُ ارتباطَ كلٍّ من الأمرين بالآخر، وعدمَ انفكاكه عنه، فنقولُ وبالله التوفيق:

* أمَّا ما ذكرتم من أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعجبُه الفألُ الحسَن؛ فلا ريب في ثبوت ذلك عنه، وقد قَرَن ذلك بإبطال الطِّيَرة؛ كما في «الصحيحين» (١) من حديث الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا طِيَرة، وخيرُها الفأل»، قالوا: وما الفأل يا رسول الله؟ قال: «الكلمةُ الصالحةُ يسمعُها أحدُكم».

فابتدأهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بإزالة الشُّبهة وإبطال الطِّيَرة؛ لئلَّا يتوهَّموها عليه في إعجابه بالفأل الصَّالح.

وليس في الإعجاب بالفأل ومحبَّته شيءٌ من الشرك، بل ذلك إبانةٌ عن مقتضى الطَّبيعة ومُوجَب الفطرة الإنسانيَّة التي تميلُ إلى ما يلائمها ويوافقُها مما ينفعها.

كما أخبرهم أنه حُبِّبَ إليه من الدنيا النساءُ والطِّيب (٢).


(١) «صحيح البخاري» (٥٧٥٤)، و «صحيح مسلم» (٢٢٢٣).
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ١٢٨)، والنسائي (٣٩٤٩)، وغيرهما من حديث ثابت عن أنس مرفوعًا.
وصحَّحه الحاكم (٢/ ١٦٠) على شرط مسلم، ولم يتعقبه الذهبي، وصححه المصنف في «زاد المعاد» (١/ ١٥٠، ٤/ ٣٣٦)، وابن الملقن في «البدر المنير» (١/ ٥٠١)، وقوَّاه الذهبي في «الميزان» (٢/ ١٧٧)، وجوَّده العراقي في «المغني عن حمل الأسفار» (١/ ٣٧٨)، وحسَّنه ابن حجر في «التخليص» (٣/ ١٣٣)، وصححه في «الفتح» (١١/ ٣٤٥).
وروي عن ثابت مرسلًا، وهو أشبه. انظر: «علل الدارقطني» (٣٠ ق/أ - نسخة المكتبة الناصرية)، و «الضعفاء» للعقيلي (٢/ ١٦٠، ٤/ ٤٢٠)، و «سنن البيهقي» (٧/ ٧٨)، و «المختارة» (١٥٣٣، ١٧٣٧).
وروي نحوه من حديث عائشة، أخرجه أحمد (٦/ ٧٢)، وفي إسناده رجلٌ مبهم.