للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

الآن التقت حَلَقتا البِطان (١)، وتداعى: «نَزَالِ» (٢) الفريقان.

نعم؛ وهاهنا أضعافُ أضعاف ما ذكرتم، وأضعافُ أضعافه.

وللناس هاهنا مسلكان عليهما يعتمدُ المتكلِّمون في هذا الباب، لا نرتضيهما، بل نسلكُ مسلك العدل والتوسُّط بين طرفي الإفراط والتفريط، فدينُ الله بين الغالي فيه والجافي عنه، كالوادي (٣) بين الجبلين والهدى بين الضَّلالتين، وقد جعَل اللهُ هذه الأمَّة هي الأمَّة الوسط في جميع أبواب الدِّين، فإذا انحرف غيرُها من الأمم إلى أحد الطَّرفين كانت هي في الوسَط:

* كما كانت وسطًا في باب أسماء الربِّ تعالى وصفاته بين الجهميَّة المعطِّلة (٤) والمشبِّهة الممثِّلة.

* وكانت وسطًا في باب الإيمان بالرسل بين من عَبَدَهم وأشركهم بالله كالنصارى، وبين من قَتَلهم وكذَّبهم (٥). فآمنوا بهم وصدَّقوهم ونزَّلوهم منازلهم من العبوديَّة (٦).

* وكانت وسطًا في القَدَر بين الجبريَّة الذين ينفونَ أن يكون للعبد فعلٌ


(١) مثلٌ للأمر يبلغ الغاية في الشدَّة، وقد مرَّ تفسيره (ص: ٨٢٨).
(٢) اسم فعل، بمعنى: انزِل. انظر: «ما بنته العرب على فَعَال» للصغاني (٨٦).
(٣) في الأصول: «والوادي». تحريف. وانظر: «مدارج السالكين» (٢/ ٤٩٦).
(٤) في الأصول: «والمعطلة». خطأ.
(٥) كاليهود. انظر: «الجواب الصحيح» (٢/ ١٤٤، ٢٦١).
(٦) (ق): «وتركوهم من العبودية». وهو تحريف.