للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجل. والذي لا يدري ما يفعل به ولا يدري ما سيفعل بأمته لا يستحق أن يصرف له شيء من العبادة التي لا يستحقها إلا الله سبحانه وتعالى؛ لأن الذي يدعى لابد أن يكون عالمًا بالشيء قادرًا على دفعه، وهذا يبرأ منه الرسول صلى الله عليه وسلم كما هو أمامنا في هذه الآية، قال تعالى: (مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ).

وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعرف ما يفعل به في المستقبل ولا بأصحابه وهو في الحياة الدنيا قبل موته، فكيف يعرف مشاكل الصوفية بعد أن مات حتى يتوجهوا إليه بالدعاء والاستغاثة من دون الله تعالى؟ ! إلا إذا قال المتصوفة: الشريعة ما هي إلا لأهل الظاهر فقط، أما أهل الحقيقة فإنهم لهم شريعة أخرى غير القرآن والسنة.

والحاصل: أنه قد تبين لنا من خلال الآيات السابقة التي أوردتها ومن أقوال العلماء التي ذكرتها: أن الدعاء نوعان، وأن كلاً من النوعين مستلزم للنوع الآخر، وأن كلاً منهما عبادة لا يجوز صرفها لغير الله سبحانه وتعالى كائنًا من كان، وأن الرسول عبد من عباد الله الذين خلقهم لعبادته واصطفاه برسالته، وأن أفضل وصف وصف به هو وصفه بأنو عبد الله، وما دام الأمر كذلك فقد بينا بأن صرف الدعاء والاستغاثة به يعتبر شركًا بالله عز وجل، وبينا خطورة الشرك وأنه من أكبر المعاصي التي لا يغفرها إلا الله بالتوبة منها قبل الموت، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد تبرأ ممن يدعونه من دون الله، وأخبر بأنه لا يملك شيئًا من النفع والضر فضلاً عن أن يملكه لغيره. وعلى هذا نقول: إن كل من

<<  <  ج: ص:  >  >>