إذا نظرنا إلى الآيات السابقة نرى: أن الله سبحانه وتعالى وصف الرسول بالعبودية له حيث أضافه إليه، فقال:(إِلَى عَبْدِهِ) في الأماكن الأربعة، وهو وصف عظيم في الحقيقة لا يجده إلا من حقق العبودية الكاملة لله سبحانه وتعالى. ولذا أقول: الرسول عبد من عباد الله لا يستحق شيئًا من العبادات التي يُتَعَّبَدُ بها الله، وبما أن الدعاء عبادة والاستغاثة أيضًا فيما لا يقدر عليه إلا الله عبادة، فلا يجوز صرفهما للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، وما دام لا يملك ذلك لنفسه فمن باب أولى لا يملكه لغيره، وقد أمره الله في كتابه العزيز أن يقول: إنه بشر، لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، في كثير من الآيات.
فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يملك نفعًا ولا ضرًا لنفسه فضلاً عن أن يملك جر النفع ودفع الضرر عن غيره، وأنه لو كان النفع والضر بيده لما أصيب بأمور يكرهها في هذه الدنيا، ولكن كان لا يملك ذلك؛ فقد أصيب الرسول صلى الله عليه وسلم بأذى كثير من المعركة في غزواته ومنها الإصابات التي أصيب بها في غزوة أحد كما هو معروف في السير؛ ولذا يعتبر توجه المتصوفة إليه بالدعاء والاستغاثة عبث وهراء وشرك بالله عز وجل.
وقد أمره الله في آية أخرى أيضًا أن يقول: إنه لا يعلم ما سيفعل به هو شخصيًا ولا يعلم ما سيفعل بأمته، وأنه ما هو إلا متبع لما يوحى من قبل الله عز