العلمي إلى اكتشاف أجهزة تستطيع أن تحس بأشياء كونية كانت بالنسبة إلى الحواس البشرية أمورا من أمور الغيب، ولمَّا اكتشفت هذه الأجهزة، وكشفت للعلماء الباحثين ما كشفت من خفايا داخل الكون تراجع الفكر المادي عن تعنته قليلا، فاعترف بوجود أشياء يمكن أن تدركها الأجهزة التي توصل العلماء الباحثون إلى اكتشافها.
ومنها أجهزة الإحساس بالأشعة التي لا تدركها حواس الناس، وأجهزة الإحساس بالذبذبات الصوتية التي تنطلق في الأجواء، وأجهزة الإحساس بالطاقات الكهربائية والمغناطيسية والحرارية وغيرها.
وكلما تقدم العلم تطورت أجهزة الإحساس بالموجودات كانت غيبا على الناس قبل التوصل إليها، تراجع الفكر المادي الوجودي عن بعض تعنتاته، ولكن ظل منكرا ما وراءه مما لا يزال غيبا.
لقد كان الاستنتاج العقلي يثبت أمورًا، وكان الفكر المادي الوجودي ينكر بتعنت وعناد، وحين كشفت الأجهزة المستحدثة ما كان يثبته العقل، تجاهل الماديون الوجوديون إنكارهم الأول، وأخذوا يراوغون، ويوسعون مذهبهم المادي، حتى يشمل ما أثبتته الأجهزة المستحدثة وأحست به، وقدمت للعلماء شهادة بما شاهدت من خفايا كانت قبلها غيبًا عن حواس الناس.
أما الماديون المعاصرون الذين يعترفون بقوانين العلوم، وما توصلت إليه استناجًا عقليًا، فإنهم يتناقضون مع أنفسهم حين يسلمون بمقررات علمية لم يتوصل إليها العلم إلا عن طريق الاستنتاج العقلي، ويرفضون مع ذلك الاستناجات العقلية التي توصل إلى ضرورة الإيمان بالخالق.