ويحس غير صحيح، فكم من موجودات لا تحس ولا ترى، كما أن حصر وسائل المعرفة في الإدراك الحسي غير صحيح كذلك، فالإنسان يعرف ويدرك عن طريق البداهة والفطرة، وعن طريق العقل والفكر، وعن طريق البصيرة والإلهام.
كما يدرك، ويدرك عن طريق الحس والرؤية، فعلماء الفلك يقدرون وجود كواكب بيننا وبينها ملايين السنين الضوئية، وقدروا مواقعها والأبعاد بين بعضها، لأن وجودها في المواقع التي حددوها، يفسر لهم آثارًا وظواهر معينة، في حركة الكواكب التي رصدوها، ويستدلون بما رأوه على ما لم يروه، ويتبين بالملاحظات العلمية صحة الفرض الذي فرضوه، فهل يلام هؤلاء العلماء على إيمانهم بما لم يروه ولم يحسوه مع أنهم اهتدوا إليه بالمنطق الرياضي الذي يعتمد على الأرقام لا على الأوهام؟ .
إن هؤلاء العلماء قد اعتمدوا على منطق بسيط ولكنه صادق -هو الاستدلال بالأثر على المؤثر-، فهم قد عرفوا الكواكب البعيدة بآثارها لا بذاتها، وعلى هذا النهج نفسه درس العلماء الطبيعيون (الذرة)، واستخدموا قوانين الكتلة والطاقة، مع أنهم لم يروا الذرة حتى الآن، كل ما انتهوا إليه بوسائلهم الإلكترونية الجبارة أنهم استطاعوا أن يروا ظلها أو خيالها بعد تكبيره وتضخيمه، فكيف نسلم بهذا المنطق -منطق الاستدلال بالآثار- ونستخدمه في علوم الطبيعة والفلك ثم ننكره في معرفة الخالق؟ .
٢ - إن هذا الزعم لا دليل عليه مطلقا، إنه مجرد إنكار ورجم بالغيب، لقد كان الماديون ينكرون ما لا تصل إليه الحواس الإنسانية قبل أن يتوصل البحث