للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنهم يرفضون الاستنتاج العقلي، حينما يلزمهم ويلزم جميع العقلاء بضرورة الإيمان بالخالق الذي هو غيب عن الحواس بذاته، لكن ضرورة وجوده تعلم حتمًا بآثار صنعته المتقنة، ثم هم يقبلون بمقررات علمية كونية كثيرة ما زالت غيباً عن الحواس، وغيباً عن الأجهزة العلمية المتقدمة جدًا، مثل صفات الذرة، وحركاتها، وصفات الخلية وتطورها، مع أن هذه المقررات يوجد في بعضها ما دل عليه الاستنتاج العقلي بأمارات ظنية، لا بأدلة قطعية.

أليس هذا منهم تناقضًا مع أنفسهم؟ !

إنهم لو كانوا منسجمين مع الأدلة العلمية انسجامًا سويًا لم يتدخل معه الهوى لما كانوا متناقضين في مناهجهم، ولقبلوا على طول خط المعرفة ومكتسباتها كل الاستناجات العقلية القطعية، أو التي تعطي ظنًا قويًا راجحًا، ولما فرقوا بين أفرادها وهي متماثلة في قوة دلالتها.

لكنهم متعصبون أصحاب هوى ضد قضية الإيمان بالرب الخالق، فهم يرفضون كل دليل يثبت وجوده عز وجل، مهما كان دليلاً برهانيًا قويًا، وحينما يكون لهم هوى في أن ينتفعوا من طاقات الكون وخصائصه يقبلون ما يقدمه لهم الاستناج العقلي حول هذه الطاقات والخصائص، ولو كان استنتاجًا ظنيًا أو وهميًا أحيانًا، ويخادعون بأن هذا مما تثبه الوسائل العلمية.

٣ - يضاف إلى ذلك: أن البصيرة العقلية ومستنبطاتها التجريدية لا تسمح مطلقاً بالانغلاق في حدود المادة والوجود.

إن الشيء الذي لا نشاهده في الواقع الحسي لا يلزم عقلاً أن يكون غير

<<  <  ج: ص:  >  >>