للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لله، ولعلَّه إنما استفتح الكلام في الفيء والخمس بذكر نفسه -تعالى-؛ لأنهما أشرف الكسب، ولم ينسب الصدقة إلى نفسه؛ لأنها أوساخ الناس» .

وقولٌ ثالث: إنه يقسم بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على أربعة أسهم: لذي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، وممن قاله: الطبري (١) ، وقال: يُرَدُّ سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على من سُمِّي معه في الآية قياساً على ما أجمعوا عليه فيمن عُدِمَ من أهل سُهمان

الصدقات.

قال غيره: كما أنَّ صِنفاً من سائر الأصناف الذين معه في الخمس إذا فُقِدوا رُدَّ سهمه على الآخرين، فكذلك في سهمه - صلى الله عليه وسلم -.

وقولٌ رابع: إنه يقسم على ثلاثة أسهم: لليتامى، والمساكين، وابن السبيل، وأسقط هؤلاء سهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسَهم ذي القربى؛ بموت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإليه ذهب أبو حنيفة، وأصحابه (٢) ، وخالفه أكثر الفقهاء في سقوط سهم ذي القربى، ولا يكاد


= وهذا قول سفيان الثوري، حكاه عنه أبو عبيد في «الأموال» (ص ٤١٢ رقم ٨٤١) . وانظر: «الأوسط» لابن المنذر (١١/٩٢-٩٣) .
(١) كما في «تفسيره» (١٠/٨) ، ونقله عنه ابن كثير في «التفسير» (٢/٣٤٥) ، وهو مروي عن ابن عباس -أيضاً-. انظر: «الدر المنثور» (٤/٦٦) .
(٢) انظر: «الخراج» لأبي يوسف (ص ٢٠-٢١ -ط. دار المعرفة) أو (ص ٣٠-ط. المكتبة الأزهرية) ، «اللباب» (٤/١٣٣) ، «القدوري» (ص ١١٥) ، «مختصر الطحاوي» (١٦٥) ، «الهداية» (٢/ ٤٤٠) ، «بدائع الصنائع» (٩/٤٣٦٢) ، «تحفة الفقهاء» (٣/٣٠٢-٣٠٣) ، «فتح القدير» (٥/٥٠٣) ، «رؤوس المسائل» للزمخشري (ص ٣٦٢) ، «مختصر اختلاف العلماء» للجصاص (٣/٥١١، ٥١٤) ، «شرح معاني الآثار» (٣/٢٣٦) ، «ملتقى الأبحر» (١/٣٦٣) .
ونقل الزمخشري في «رؤوس المسائل» (ص ٣٦٣) أن دليل أبي حنيفة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما يستحق سهمه، بكونه مؤدياً للإمامة، ولدعوة الناس إلى الحق، وهذا المعنى قد فات بفواته، وسهم ذوي لقربى، إنما يستحقون بنصرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهؤلاء كانوا معه في الحَضَر والسَفر والنصرة، وقد فات بفواته، فوجب أن ينقطع هذا الحق.
واستدلوا لمذهبهم- أيضاً-، أن الخلفاء الراشدين قسموا الخمس إلى ثلاثة أسهم، بإسقاط سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسهم ذوي القربى، ولم ينكر عليهم ذلك أحدٌ، مع توافر جميع الصحابة، فكان إجماعاً. =

<<  <   >  >>