للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن سحنون من أصحاب مالك (١) .

فالحجة فيما ذهب إليه الجمهور من جواز تأمين العبد: عموم آي القرآن في إيجاب الوفاء، وتحريم الخيانة، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ذِمّة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلماً؛ فعليه لعنة الله» ، فالعبد المسلم داخل في ذلك من غير إشكال، ووجه المنع عند من لم يُجِزْهُ؛ قال الباجي (٢) : إنه محجورٌ عليه، فلم يَجُزْ تأمينه، كالطِّفل، والذي لا يَعقل، وتمامه أن يُقال: فإذا أذن له فقاتل ارتفع المانع؛ فجاز، وهذا كله ضعيف جدّاً.

فصلٌ

وأما الصبي، فلا وجه للقول بجواز تأمينه، وإن عقل الأمان؛ لأنه غير مخاطب بأفعاله، وأقوالُه غير معتبرة (٣) .


= أمره، فقالوا: ما نعرف العبد منكم من الحُرّ، فكتبنا إلى عمر -رضي الله عنه- نسأله عن ذلك، فكتب: إن العبد رجلٌ من المسلمين، ذمته ذمتكم.
وذكره الحافظ في «التلخيص الحبير» (٤/١٢١/رقم ١٩١٠) وعزاه للبيهقي بسندٍ صحيح.
وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» (١٤/٨٩) : «وعن عمر من طرق أنه أجاز أمان العبد، ولا خلاف في ذلك بين السَّلف إلا ما خر ج مخرج الشذوذ» .
وانظر: «فتح الباري» (٦/٢٧٥) .
(١) مذهب سحنون: إذا أشرفوا -أي: المسلمين- على فتحه -أي: حصن المشركين- قاهرين له، فلا يُقبل قول العبد بعد أن صاروا بأيدي المسلمين، ولا قول لهم. وكذلك لو قال ذلك رجلٌ حرٌّ مسلمٌ حتى يثبت ذلك برجلين: أن العبد أو الحرَّ أمَّنهم، فيكون الإمام المقدّم في إجازة ذلك أو ردِّه.
وانظر: «النوادر والزيادات» (٣/٨٠) .
ونقل ابن شاس في «عقد الجواهر» (١/٤٧٩) عنه؛ أنه قيد أمان العبد بإذن سيده.
وقال -أيضاً-: ورُوي عن معن بن عيسى -وهو ربيب الإمام مالك ومن أصحابه-؛ أنه لا يصح أمان العبد.
(٢) في «المنتقى» (٣/١٧٣) ، وذكر هذا توجيهاً لرواية معن بن عيسى عن مالك أنه قال: لا يصح أمان العبد. قال معن: وما سمعت فيه شيئاً.
(٣) قال ابن المنذر في «الأوسط» (١١/٢٦٣ رقم ١٩٢٢) : وأجمع كل من نحفظ عنه من =

<<  <   >  >>