وقال في كتابه «الإجماع» (رقم ٢٤٨) : وأجمعوا على أن أمان الصبي؛ غير جائز. ونقله الإجماع فيه نظر؛ قال ابن قدامة في «المغني» (١٣/٧٧-ط. هَجَر) : «فأمَّا الصبي والمميز، فقال ابن حامد: فيه روايتان: إحداهما: لا يصحُّ أمانه، وهو قول: أبي حنيفة، والشافعي؛ لأنه غير مكلف، ولا يلزمه بقوله حكمٌ، فلا يلزم غيره، كالمجنون. والرواية الثانية: يصح أمانه، وهو قول: مالك. وقال أبو بكر: يصح أمانه، روايةً واحدةً. وحمل رواية المنع على غير المميز، واحتج بعموم الحديث؛ لأنه مسلم مميِّز، فصح أمانه، كالبالغ، وفارَقَ المجنون، فإنه لا قول له أصلاً» . اهـ كلامه. وقوله: بعموم الحديث، أي حديث: «ذمة المسلمين واحدة ... » . وقال في موطن آخر: ولا يصح أمان مجنون ولا طفل؛ لأن كلامه غير معتبر، ولا يثبت به حكم. فكلام ابن المنذر يشعر بأنَّ أمان الصبي غير المميِّز؛ غيرجائز، وأما المميز ففيه الخلاف المنقول آنفاً، وكلام ابن حجر في «الفتح» (٦/٢١٠) فيه التفرقة بين المراهق وغيره. فمذهب المالكية والحنابلة: أنه يصح أمانه، إذا كان يعقل. وانظر في مذهب المالكية -على سبيل المثال-: «النوادر والزيادات» (٣/٧٨) ، «الذخيرة» (٣/ ٤٤٤) ، «الكافي» (١/٤٦٩) ، «عقد الجواهر» (١/٤٧٩) ، «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٢/ ١٨٥) ، وتقريرات الشيخ محمد عليش المالكي بهامش الحاشية، «حاشية العدوي» (٢/٨) . وانظر: «حلية العلماء» (٧/٦٥٢) . وفي مذهب الحنابلة، انظر: «المغني» (١٣/٧٧) ، «شرح الزركشي» (٦/٤٨٦) ، «الإنصاف» (٤/ ٢٠٣) ، «الهداية» (١/ ١١٦) ، «الكافي» (٣/٢٣١) ، «المقنع» (١/٥١٦) ، «الفروع» (٦/٢٤٧) ، «المبدع» (٣/٣٨٩) ، «شرح المنتهى» (٢/١٢٢) ، «كشاف القناع» (٣/٩٦) ، «مطالب أُولي النُّهى» (٢/٥٧٧) . أما عند الحنفية والشافعية: لا يصح أمانه، ما لم يكن بالغاً. انظر في مذهب الحنفية: «مختصر الطحاوي» (٢٩٢) ، «تحفة الفقهاء» (٣/٢٩٦) ، «الهداية شرح بداية المتبدي» (٢/ ٤٣٢) . وفي مذهب الشافعية: «الأم» (٤/٣٠٢) ، «مختصر المزني» (ص ٢٧٢) ، «روضة الطالبين» (٧/٤٧٢) ، «الحاوي الكبير» (١٨/٢٢٦) ، «التذكرة في الفقه الشافعي» (ص ١٥٥) . (١) انظر: «عقد الجواهر» (١/٤٨٠) ، «المعونة» (١/٦٢٤) ، «المدونة» (١/٤٤٠) ، «النوادر =