لما فرغ من ديات الأعضاء شرع في المنافع، وبدأ بالعقل لشرفه، وإذا وجبت الدية في اسمع ونحوه فهو أولى، وقد ورد في الحديث أن فيه الدية كاملة، اللخمي: وإن جن من الشهر يوماً وليلة كان له جزء من ثلاثين جزءاً من الدية، وإن جن الليل دون النهار أو بالعكس كان له جزء من ستين.
قوله:(وَلَوْ زَالَ بمَا فِيهِ دِيَةٌ تَعَدَّدَتْ) كما لو قطع يده فجن، فإن عليه ديتين، والتعدد مقيد بأن يكون حال العقل بسببه في غير محل العقل، أما إن كان في محله كما لو أَمَّه أو جدع أنفه، وقلنا: إن محله الدماغ فليس له إلا دية العقل، قال في المقدمات: وإن أصيب بمأمومة فذهب منها عقله فله على مذهب مالك دية العقل ودية المأمومة لا يدخل بعض ذلك في بعض؛ إذ ليس الرأس عنده بمحل للعقل، كمن أذهب سمع رجل وفقأ عينه في ضربة، وعلى مذهب ابن الماجشون إنما له دية العقل ولا شيء له في المأمومة، كمن أذهب بصر رجل وفقأ عينه في ضربة واحدة، ومذهب مالك أن محله القلب، وهو قول أكثر أهل الشرع، وهو مذهب عبد الملك وأبي حنيفة أن محله الرأس، وهو مذهب أهل الفلاسفة.
لا أعلم خلافاً أن في السمع الدية وفي أحدهما نصفه، فإن نقص منهما أو من أحدهما فبحسابه، ومعرفة ما نقص من ذلك بأن يصاح من مواضع مفترقة بعد سد الصحيحة، فإذا لم يختلف قوله سدت الناقصةويصاح به، ثم ينظر ما بين الصحيحة والمصابة، وينسب ذلك إلى الدية وأخذ ما بقى بنسبته.