وقوله:(كَأَجْنَبِيِّ) أي: كجناية أجنبي يتبعان به في ذمتهما كما يتبع الأجنبي.
وقوله:(وَالْبَاقِي عَلَى الْقِرَاضِ) يريد أن الباقي يكون رأس المال فقط؛ لأنه إن كان التلف من رب المال فكأنه رضي بأن الباقي هو رأس المال، وإن كان من غيره فتلك جناية.
قال في المدونة: وليس ما استهلكه العامل من المال مثل ما ذهب أو خسر؛ لأن ما استهلكه قد ضمنه، ولا حصة لذلك من الربح، وإن تسلف العامل نصف المال وأكله، فالنصف الباقي رأس المال، وربحه على ما شرطا، وعلى العامل غرم النصف فقط، ولا ربح لذلك النصف. وكهذه المسألة ما في المدونة أيضاً إذا كان القراض بمائة، فاشترى به عبداً يساوي مائتين، فجنى عليه رب المال جناية نقصه مائة وخمسين، ثم باعه العامل بخمسين فعمل فيها العامل فربح مالاً، لم يكن لرب المال قبض رأس ماله وربحه حتى يحاسبه ويفاصله ويحسبه عليه، فإذا لم يفعل فذلك دين على رب المال مضافاً إلى هذا المال.
فرع:
واختلف إذا عرض هنا فليس العامل فقال بعض القرويين: إذا فلس وقد كان أخذ مائة فأكل منها خمسين قبل أن يتجر ثم تجر في الخمسين الباقية فصارت مائة، يجب على مذهب ابن القاسم أن يكون أحق بالمائة من الغرماء وتبقى عنده خمسون يحاصص فيها الغرماء؛ لأن الربح أولى أن يجبر به رأس المال من أن يكون للعامل كما لو ضاع من المال خمسون فاتجر في الخمسين الباقية فصارت مائة، أن رب المال أولى بها، ألا ترى أن ابن القاسم قال في الذي دفع إليه ثمانين فضاع منها أربعون فدفعها إلى غيره، فتجر فيها فصارت مائة، أن رب المال يأخذ الثمانين ويكون أولى بها من العامل الثاني ثم يأخذ نصف الربح عشرة والعالم الثاين هنا آكد من الغرماء؛ لأنه هو تمم المائة فلم يجعلها أحق بجزئه من الربح لما كان رب المال جبر ما كان في ماله من الخسارة.