للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي حديث أبي شريح، وهو في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دماً".

قال سند: إن كان العدو المانع كافراً أو لم يبدأ بالقتال فهو بالخيارين التحلل والقتال؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يقاتل من صده مع علوه على الصاد، وإن طلب الكافر مالاً على الطريق كره له دفعه نفيا للمذلة. وإن كان الصاد مسلماً فهو كالكافر في القتال؛ لأنه ظالم. انتهى.

ابن هارون: والصواب قتال الصاد انتهى.

وفي الكافي: وأما من أحصر بعدو غالب من فتنة أو غيرها فلهم قتال العدو ولهم تركه والتربص، فإن كشف الله عنهم ذلك ورجوا إدراك حجهم نهضوا، وإن يئسوا من زوال العدو نحر من كان معه هدي وحلق كل واحد منهم، وسواء كان ذلك في الحل أو في الحرام. انتهى.

وفي الإكمال قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لأحدكم أن يحمل السلاح بمكة". هو محمول عند أهل العلم على حمله لغير ضرورة ولا حاجة، فإن كان خوف أو حاجة إليه جاز، وهو قول مالك والشافعي وعطاء وعكرمة، وكرهه الحسن البصري تمسكاً بظاهر الحديث.

وحجة الآخر دخوله عليه الصلاة والسلام عام القضية بما شرطه من السلاح، ودخوله يوم الفتح وعلى رأسه المغفر. عليه إذا احتاج إليه وحمله الفدية، ولعل هذا في حاجته إلى المغفر والدرع وشبههما فلا يكون خلافا، ثم قال: وقول الكافة أن هذا مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم لقوله عليه الصلاة والسلام: "وإنما أحلت لي ساعة من نهار" فخص بما لم يخص به غيره. وقال القاضي في كتاب الجهاد: ولم يختلف في دخول النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان حلالا بدخوله والمغفر على رأسه، ولأنه كان دخلها محارباً حاملاً للسلاح هو وأصحابه، ولم يختلفوا في تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولم يختلفوا أن من دخلها لحرب بعده أو لغيره أنه لا يحل له دخولها حلالاً. انتهى فانظره. وحكى الخطابي أنه إنما حل له تلك الساعة إراقة الدم دون الصيد وغيره، والصواب في مذهب الشافعي جواز القتال.

<<  <  ج: ص:  >  >>