الكسائي أنه قال: أحصر في المرض وذهاب النفقة. وحصر في العدو والسجن؛ لقول ابن عباس: لا حصر إلا في العدو. وقال الفراء: العرب تقول: أحصر بالمرض وحصره العدو، ولا يقال: حصره إلا في العدو. وقال ابن فارس في المجمل: ناس يقولون: حصره المرض وأحصره العدو عكس الأول، وحكى ابن قتيبة وغيره في المرض وجهين.
ابن بشير وابن هارون وابن راشد: والأول هو المشهور عن أهل اللسان، ورجح اللخمي وغير واحد قول أشهب؛ لأن الآية نزلت بسب عمرة الحديبية، قاله ابن عبد البر وغيره، وأجيب بأن الهدي لم يكن لأجل الحصر، وإنما كان بعهم ساق هديا فأمره بذبحه ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بهدي لحصرهم، قاله التونسي وابن يونس. وضعف قول أشهب بقوله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (والمحصور بعدو يحلق رأسه حيث كان.
فرع:
قال ابن الماجشون: إذا كان العدو منع من طريق فليس عليه أن يأخذ طريقاً آخر يسلكه في الانتقال حيث لا يسلك بها، ولا يركب المخاوف، وإن لم يجد إلا هذا فهو محصور، وإن وجد طريقا مأمونة معلومة وهي أبعد فليس بمحصور إن بقي من المدة ما يدرك فيه الحج.
نحوه لابن شاس. ابن عبد السلام: وسواء كان بمكة أو بالحرم. وأما إعطاء المال على أن يخل بين الناس وبين مكة فلا يجوز إن كان كافراً، ومفهوم كلامه أنه يجوز إن كان مسلما، والأصل في منع القتال ما في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام، قال يوم فتح مكة:"إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة".