أي: وفيما يكتفى به في جواز الإحلال ثلاثة أقوال؛ قيل: يكتفى بالظن لأن الأحكام في الغالب تناط به، وقيل: بالعلم؛ لأنه لما دخل فيه لزمه فلا يخرج إلا بيقين.
ابن راشد: وهذه الأقوال لم أقف عليها على هذه الصور، ففي التبصرة: مذهب ابن القاسم أنه إذا كان على إياس من انكشاف العدو حل مكانه، وإن كان يرى أنه يذهب قبل ذلك أو يشك أمسك إلى وقت ذهاب العدو ولم يدرك فحينئذ يحل، فعلق الإحلال بالإياس، وذلك قد يحصل بالعلم وبغلبة الظن، وأما الشك فلا. وقد صرح بأنه يمسك إذا شك.
وقال أشهب: لا يحل إلى يوم النحر، ولا يقطع التلبية حتى يروح الناس إلى عرفة. وقال ابن بشير: إن تيقن دوام العدو إلى أن يفوته الحج فههنا قولان؛ المشهور أنه يحل، وإن تيقن زوال المانع أو شك فلا يجوز له التحلل بلا خلاف. فحكى الاتفاق في الشك، فتأمل هذا الموضع [٢٠٩/أ] فإنه عندي مشكل. وقال ابن هارون: وما علمت من قال إنه يباح له التحلل بالشك غير المؤلف. انتهى.
واعلم أنه وقع في المدونة موضعان؛ الأول أنه إذا يئس أن يصل إلى البيت فيحل بموضعه حيث كان. قال في التهذيب: وقال في موضع آخر: لا يكون محصورا حتى يفوته الحج ويصير إن خلي لم يدرك الحج فيما بقي من الأيام. فذهب ابن يونس إلى أن الأول راجع إلى الثاني، قال: وقاله بعض شيوخنا. وقال غيره: بل ذلك اختلاف قول، والأول أبين. انتهى.
قوله:(وَرَوَى أَشْهَبُ) قد تقدم وجهه أن الحج لما كان معلقاً بوقت وكان الإمساك عن الوطء والطيب وغيره طاعة، وقد التزم المحرم بالحجِ الإمساكَ عن هذه الأشياء إلى وقتٍ كان عليه أن يبقى على تلك الطاعة إلى ذلك الوقت.