للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واعترضه ابن بشير وقال: ظاهر المذهب أن له التحلل كيف كان الأمر. وفيه نظر فقد نقل الباجي عن ابن المواز عن مالك أن من علم بالحصر لا يحرم، فإن فعل فليس له حكم المحصور. ابن هارون: وما رأيت خلافا كما نقله الباجي واللخمي انتهى.

واقتصر التونسي على أنه إذا أحرم بعد علمه بالحصر أنه لا يحل إلا بالبيت.

وكذلك نقل سند ابن القاسم أنه إذا أحصر ثم أحرم فلا يحله إلا البيت؛ لأنه ألزم نفسه ذلك بعد العلم بالمنع كالمسافر يصبح صائما في السفر. الخامس: أن يشك في ذلك فهذا إن منعوه لم يحل إلا أن يشترط الإحلال كما فعل ابن عمر.

خليل: وظاهر المذهب أن شرط الإحلال لا ينفع؛ لأن الازري لما تكلم عن حديث ضباعة الذي في مسلم، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم لها: "حجي واشترطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني". زاد النسائي: "فإن لك على ربك ما استثنيت". قال جمهور الفقهاء إن ذلك لا ينفع، وحملوا حديث ضباعة على أنها قضية في عين خصت لهذه المرأة. قال صاحب الإكمال: لا يرى مالك وأبو حنيفة الاشتراط نافعا خلافا لأحمد. وعن الشافعي القولان. وتأوله آخرون على معنى النية بالتحلل بعمرة، وقد جاء ذلك مفسراً في بعض الروايات. قال الأصيلي: لا يثبت في الاشتراط إسناد صحيح. قال النسائي: لا أعلم أسنده عن الزهري غير معمر، وقد أنكر الزهري الاشتراط. انتهى.

النووي: وهذا الذي عَرَّض به القاضي وقال به الأصيلي من تضعيف الحديث غلط فاحش جدا نبهت عليه لئلا يغتر به؛ لأن هذا الحديث مشهور في صحيح البخاري ومسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وسائر كتب الحديث المعتمدة من طرق متعددة بأسانيد كثيرة عن جماعة من الصحابة. وفي ذكر مسلم من تنويع طرقه أبلغ كفاية.

وقوله: (ولو أَخَّرَ حِلاقَهُ إِلَى بَلَدِهِ حَلَقَ وَلا دَمَ) مثله في المدونة؛ لأن الحلاق لما وقع في غير زمانه ومكانه لم يكن نسكاً بل تحللاً فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>