للعلماء، وعسى أن نستخرج منه كتابا إلى والي البصرة بتخفيف المظلمة عن بستانكم (١) ومراعاة من يلوذ بكم، فأبى أشدّ الإباء، وقال: نحن صابرون على ظلمهم، ولا نعدم فيه أجرا، ولا أصل إلى أحد منهم، بل توجّهي إلى الله سبحانه، وكان- رحمه الله- عزوفا عن الدّنيا وأهلها، لا يرى شيئا من أمورها، ولا يتطلّع إليها، ولا يقبل من الحكّام عطيّة ولا مرتّبا، ولا يحبّ أن يذكره أحد عندهم، ولا عند التّجّار، ولقد كنت أقرأ عليه سنة في مكّة المشرّفة فجاء شخص من أهل الخير من الهنود ودار على المدرّسين وسأل عن أسمائهم، ثمّ ذهب إلى الهند وتسبّب لهم بصدقة جليلة، فلمّا جاءت بأسمائهم ومن جملتهم الشّيخ المترجم وكان في تلك الأيّام في المدينة المنوّرة سألني الوكيل عنه فأخبرته، فأعطاني نصيبه، وكنت في تلك الأيّام متوجّها إلى المدينة فذهبت به معي، وحين واجهته أخبرته فلم يعجبه ذلك منّي وقال: لم تعرّض
(١) بستانه المذكور ملك لعبد الله بن حمد الفداغ التاجر المعروف بالبصرة في زمنه، - وهو من أصل نجديّ مشهور- أوقفه على الشيخ عبد الجبار، وهو ضمن الأملاك التي احتواها حكام المنتفك؛ الشيخ حمود بن ثامر، والشيخ عقيل بن محمد بن ثامر عام ١٢٤٣ هـ، بعد عزل داود عن ولاية العراق. ولما تولّى منيب باشا الولاية عام ١٢٧٧ هـ أعاد الأملاك إلى أصحابها، فاستلهما عبد الله الفداغ فاعترض القاضي الرّحبي والسّيد محمد السّعيد النقيب بأنّ مالكها قد أوقفها على الشّيخ عبد الجبّار من قبل، ولا يجوز التّراجع عن الوقف فأعيدت إلى الشّيخ. (عن إمارة الزبير- بتصرف). القاضي الرّحبي: لعلّه: عبد الله الرّحبيّ، قاضي البصرة لم تعرف وفاته ويظنّ محقّق «المسك الأذفر» أنها بين عامي (١٢٢٠ - ١٢٣٠) فإذا كان كذلك فلا أظنّه هو فلعل من ذوي قرابته. «المسك الأذفر»: (٣٦٢).