للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يقصده أهل البصرة من أقاصيها للصّلاة خلفه، واستماع قراءته، ولم يزل على ذلك مدّة مديدة، إلى أن أراد أهل الدّولة إدخال أوقاف المسجد الّتيتحت يده في بيت المال ويرتّب له راتب من بيت المال فأبى من ذلك تورّعا وفارق البصرة/ سنة ١٢٦٠، وقدم مكّة في رجب تلك السّنة، وأقام بها يدرّس في الفقه والفرائض إلى أن حجّ، ثمّ توجّه إلى المدينة المنوّرة فأقام بها مدّة، ثمّ رجع إلى البصرة لبيع عقاره فباعه ورجع، فحجّ، ثمّ أقام بالمدينة يحجّ في أكثر السّنين، مواظبا على التّدريس، ونفع الطّلبة وتسليك المريدين (١)، وصار له في المدينة اعتقاد عظيم، وكان لا يذهب إلى الحكّام حتّى إنّي كنت أقرأ عليه سنة ١٢٦٣ في المدينة المنوّرة فجئت يوما إلى شيخ الحرم النّبويّ الوزير داود باشا (٢) والي بغداد سابقا، وكان يشتهي الاجتماع بالشّيخ والشّيخ يأبى ذلك، فسألني عنه فأخبرته فظهر لي منه محبّة اجتماعه به، فأتيت إلى الشّيخ وأخبرته وحسّنت له أن نذهب إلى الباشا المذكور؛ لأنّه من أهل العلم والفضل، محبّا


(١) انظر أول تعليق في الترجمة رقم ٥.
(٢) داود باشا، هو والي بغداد، وهو أحد أركان الدّولة العثمانية ووزرائها الكبار، له مهابة عظيمة وصولة وشجاعة، ومعرفة بالعلوم العقلية والنّقلية، وفي مناقبه ألّف عثمان مسند النجدي البصري الأديب المالكي (توفي ١٢٥٠ هـ) «مطالع السعود بطيب أخبار الوالي داود».
أرسله السّلطان عبد الحميد سنة (١٢٦٠) شيخا للحرم النّبويّ فظلّ بالمدينة مشتغلا بالعلم والتّدريس حتى مات ودفن بالبقيع رحمه الله وعفا عنه، ومقابلة الشّيخ له كانت في هذه الأثناء كما ترى.
يراجع: «الأعلام»: (٢/ ٢٣١)، و «حلية الشر»: (١/ ٥٩٧).