باسمي؟ فحلفت له بالله العظيم أنّي لم أعرّض بكم، وإنّما هو من تلقاء أنفسهم، وكان جالسا عنده بعض العلماء الغرباء. فقال: أعطها الشّيخ، فأعطيتها إيّاه ولم يدركم عددها؟ ولا التفت إليها، وهكذا كان احتقاره للدّنيا، مع أنّه كان يحتاج في بعض الأوقاف حتّى لا يوجد في بيته إلّا التّمر، فيهوّن على أهل بيته ويقول: كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلم يمضي عليه الشّهران لا يوقد في بيته نار، وما لهم طعام إلّا الأسودان التّمر والماء، ونحن نجزع إذا مضى لنا يوم واحد، وإذا فتح عليه بشيء بعد ذلك لا يدّخره، بل ينفق منه ويتصدّق إلى أن ينفد، وهكذا حتّى إنّ زوجته لمّا عرفت عادته هذه صارت تلبس ثيابها وتقف عند باب المسجد بعد صلاة العشاء إلى أن يخرج فتسأله كأنّها من الفقراء فيعطيها وهو لا يعرفها، ثمّ تسبقه إلى طرف السّوق فتسأله فيعطيها، وهكذا إلى أن يصل البيت، وتجمع ذلك إلى أن ينفد ما عنده ويقول: كلوا اليوم تمرا، فيقولون:
ليس عندنا ولا تمر، فيقول: نصبر وسيأتي الله/ برزق فيقولون: عندنا دراهم أمانة لامرأة أذنت لنا في اقتراضها، فيقول: هاتوها فيأخذها، وينفق منها ويتصدّق، فتقف له امرأته عند باب المسجد على العادة، وهكذا. وأصيب بولده عليّ، ثمّ بولده الشّيخ أحمد، وكان قد قرأ وحصّل وظهرتنجابته، فصبر واحتسب، وبالجملة فكانت أحواله عجيبة وما أظنّ أنّه وجد في هذا الزّمان مثله في مجموع خصاله، وما كان يقطعه عن حضور الجماعة في المسجد إلّا المرض الشّديد، وإذا خفّ عنه قليلا تكلّف وخرج، ولقد مرض سنة وفاته في رجب بمرض خطر فجاء إليه الطّبيب وعالجه فسكن الألم قليلا، فقصدت عيادته وأنا أظنّه يخرج أسبوعا أو أزيد وإذا به قد قابلني في