ولو أقر لهما معًا، كما إذا ادعيا ذلك، فقال: صدقتما، فالحكاية عن الأكثرين: أنه يقسم الألف بينهما أرباعًا، لأنا نحتاج إلى الألف للدين، وإلى ثلث الألف للوصية، فيتزاحم على الألف ألف وثلث [ألف] فيخص الوصية ثلث عائل، وهو الربع، وهذا ما حكاه الماوردي، ونسبه الإمام في الموضع المذكور إلى ابن الحداد، ومعظم الأئمة، [ثم] قال: وهو المذهب، وقال الطبري في العدة: إنه مذهب القفال.
لكن الصحيح عندي: أن المال كله لصاحب الدين، وهذا ما حكي عن الصيدلاني، قياسًا على ما لو ثبتا بالبينة.
قال ((الرافعي)): وهذا هو الحق، سواء قدمنا عند ترتيب الإقرارين الأول منهما، أو سوينا بينهما.
وقال الإمام ثم: إنه غريب، وإنا إذا قلنا بمقابله، فهل للمقر له بالدين أن يرجع على الوارث بغرم ما أخذه الموصي له، لأنه يقول له: لو كنت قدمت الإقرار لي بالدين، لم يفت علي فأنت المضيع له بإقرارك؟
قال الشيخ أبو علي: إنه على القولين أقر الإقرار إذا تضمن إيقاع حيلولة بين إنسان وبين حقه، ولا خلاف أنهما لا يجريان بالنسبة إلى صاحب الوصية [وإن أخر الإقرار بها عن الدين]، لأن وضع الوصية التأخير عن الدين، فالإقرار بها وضعه التأخير [عنه] أيضًا، فلم يضعه المقر في غير موضعه.
قال: وإن أقر بعضهم [بالدين]، وأنكر البعض، ففيه قولان:
أحدهما: يلزم المقر جميعه في حصته، لقوله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء: ١٢] فوجب ألا يرث إلا بعد قضاء الدين، لأن صاحب الدين مقدم، وليس بمشارك.
ولأن ما أخذه المنكر من التركة كالمغضوب في حق رب الدين، وغصب بعض التركة يوجب قضاء الدين من باقيها، فلزم أخذ جميعه منه، وهذا ما خرجه