قال: وإن أقر الورثة بدين على مورثهم، لزمهم قضاؤه من التركة، لقوله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء:١٢]، ولهم أن يوفوه من غير التركة كما تقدم في مواضع.
ولم تكن تركة، أو كانت ولم يضعوا أيديهم عليها، لم يلزمهم الوفاء من أموالهم.
نعم، لو تبرعوا بالأداء، وجب على رب الدين القبول، حيث يجب عليه لو كان الباذل له المديون، ولا فرق بين أن يكون للميت تركة أولا.
وقال الإمام في كتاب القسامة: وظني أني رأيت لبعض الأصحاب إلحاق الوارث بالأجنبي في حالة عدم التركة، وقد حكيت ذلك مرة أخرى من قبل.
وكما يجب قضاء الدين المعترف به من التركة، يجب تنفيذ الوصايا المعترف بها من ثلثها، عملًا بالآية المذكورة.
فلو أقر الورثة بدين ووصية، فهل يزدحمان عند الضيق، وتكاذب المقر له بالدين والوصية، أو يقدم الدين؟
قال الأصحاب: إن تقدم الإقرار بالوصية ثم تعقبه الإقرار بالدين، ولم تتسع التركة لهما، كما إذا كانت ألفًا، والموصى به الثلث، والدين ألف، ففيما يفعل وجهان:
أحدهما: تقدم الوصية، لتقدمها، والباقي لرب الدين، وقد ادعى الإمام قبل باب القافة [بورقتين]: أنه لا خلاف فيه.
والثاني: يصرف الجميع لرب الدين، كما لو ثبتا بالبينة، [وهذا ما] حكاه الغزالي عن الأكثرين، ولم يورد الماوردي والفوراني وغيره.
ومنهم من ينسبه إلى تخريج الصيدلاني، وهو مخرج على أن إقرار الوارث والموروث يتساويان، كما قدمنا أنه الصحيح.
ولو انعكس الحال، وأقر بالدين [أولًا، ثم بالوصية، فقضية الوجهين صرف الألف لرب الدين]، وهو الذي حكاه الماوردي، والفوراني، وكذا الإمام في الموضع المذكور.