للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب أبو إسحاق المروزي، وجمهور أصحاب الشافعي- رحمه الله- إلى المنع من تخريجه قولًا باتًا، وأجابوا عما نقله المزني من لفظ الشافعي: أنه لم ينقضه، لأن المحكومة عليه أقام بينة بفسق الشهود مطلقًا، ولم يشهدوا بفسق الشهود قبل الحكم، فلم ينقضه، لجواز حدوثه بعد نفوذ الحكم، فإنه لا ينقض لو كان كذلك وجهًا واحدًا، صرح به الماوردي، وأبو الطيب، وغيرهما.

قال في ((البحر)): وهذه الطريقة أصح، وما ذكره من التوجيه فلا يصح، لأنه لا يمتنع أن ينقض الحكم بشيء يتوصل إلى صحته بالاجتهاد إذا كان يرجع الأصل إلى القطع واليقين، ألا ترى أنه ينقض الحكم بنص خبر الواحد وإن كان التوصل إلى عدالة الراوي وصدقه فيما يرويه بالاجتهاد، وكذا إذا شهدوا برق الشهود وكفرهم ينقض الحكم وإن كانت عدالة الشهود إنما تثبت بالاجتهاد.

أما إذا كان الفسق مجتهدًا فيه، قال القاضي الحسين: فلا خلاف أنه لا ينقض.

ثم محل الخلاف كما ذكرنا عن الإمام في باب صفة القضاء: إذا كان المحكوم عليه حاضرًا، قادرًا على النطق بحجته، أما لو كان ممن لا يقدر على النطق بالحجة: كالصبي، والمجنون، والغائب- فإنه ينقض [الحكم] قولًا واحدًا، كما دل عليه قول الشيخ [ثم: فإذا بلغ الصبي، فهو على حجته.

وقد أفهم قول الشيخ]: وإن بان أنهما كان فاسقين عند الحكم، الاحتراز عما إذا بان أن فسقهما حدث بعد الحكم، وقد قال الماوردي في هذه الحالة: إنه ينظر:

فإن كان بعد استيفاء الحق، فلا يجوز النقض، سواء فيه حق الله تعالى وحق الآدمي.

وإن كان قبل الاستيفاء:

فإن كان الحق مالًا، أو في معنى المال فلا ينقض الحكم أيضًا، ويجب استيفاؤه.

وإن كان حدا لله تعالى سقط بحدوث الفسق، ولا يستوفى.

وإن كان حدًا لآدمي أو قصاص، ففي سقوطه وجهان.

فرع: هل يحتاج في نقض الحك بشهادة الفاسق إلى الحكم بها أم لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>