للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن جعل دليل رده نصًا وإجماعًا] جعله باطلًا لا يفتقر إلى الحكم بنقضه، لكن على الحاكم أن يظهر بطلانه.

ومن جعل دليل رده قوة الاجتهاد في شواهده، جعله موقوفًا على الحكم بنقضه، وهو الظاهر من مذهب الشافعي، لأنه قال من بعد: ورد شهادة العبد إنما هو بتأويل.

وليس تحريق السجل نقضًا للحكم حتى ينقضه بالحكم قولًا، ويجب عليه أن يسجل بالنقض، كما أسجل بالحكم، ليكون السجل الثاني مبطلًا للسجل الأول، كما صار الثاني ناقضًا للحكم الأول، فإن لم يكن قد أسجل بالحكم لم يلزمه الإسجال بالنقض وإن كان الإسجال به أولى.

قال الماوردي: ولو كان ذلك في عقد نكاح عقد بشهادتهما، افتقر إلى حكم الحاكم بنقضه، لأن مالكًا يجيز عقد النكاح بغير شهود، إذا أعلن به.

قال في ((البحر)): ولا فرق في نقض الحكم الواقع بشهادة عبدين بين أن يكون الحاكم به يرى جوازه، أم لا، وهو مقتضى ما ذكره الشيخ من قبل.

قال: وإن بان أنهما [كانا] فاسقين عند الحكم- أي: فسقا ظاهرًا، غير مجتهد فيه، كما قاله القاضي الحسين- نقض الحكم في أصح القولين، لأنه إذا نقض في شهادة العبد، ولا نص في منع شهادته، وجواز روايته، ففي شهادة الفاسق مع أن رد شهادته ثابت بالنص، ولا تقبل روايته- أولى، وهذا ما نص عليه الشافعي في جميع كتبه.

ولا ينقض في الآخر، لأن فسقه ثبت بالاجتهاد، فإن عدالة البينة غير مقطوع بها، وإنما ثبت بالاجتهاد، فلا ينقض حكما ثبت في الظاهر بالاجتهاد، وهذا خرجه المزني مما حكاه من قول الشافعي: إن الحاكم إذا اطرد المشهود عليه جرح المشهود مدة اطراده فلم يأت بالجرح، فأمضى الحكم عليه بشهادتهما، ثم أتى بعد إمضاء الحكم عليه ببينة الجرح- لم يسمعها، وكان حكمه عليه ماضيا.

وقد وافقه ابن سريج على هذا التخريج أيضًا، وجعل في المسألة قولين:

<<  <  ج: ص:  >  >>