للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وإذا حكم الحاكم بشهادة شاهدين. ثم بان أنهما كان عبدين، أو كافرين- نقض الحكم، لأنه تبين أنه حكم بما لا يجوز له الحكم به، فنقض، كما لو حكم [بحكم]، ثم وحد النص أو الإجماع أو القياس الجلي بخلافه.

وهكذا الحكم فيما إذا بان أنه حكم بشهادة والدين، أو مولودين، كما قاله أبو الطيب، أو امرأتين، أو صبيين، كما قاله في ((التهذيب)).

وظهور ذلك في أحد الشاهدين كظهوره فيهما.

فإن قيل: قد اختلف في جواز شهادة العبد، فأجازها شريح، والنخعي، وداود، وأحمد في رواية الإمام، والاختلاف فيها دليل على جواز الاجتهاد [فيها، ولا يجوز أن ينقض بالاجتهاد حكم نفذ بالاجتهاد]، كما هو أصلكم.

قيل: قد اختلف فيما لأجله ردت شهادة العبد على ثلاثة مذاهب:

أحدها: بظاهر نص لم يدفعه دليل، وهو قوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة:٢٨٢]، فصار كالدليل، وعلى هذا يكون الحكم بشهادته مخالفًا للنص، فكان مردودًا.

والثاني: أنها مردودة بقياس جلي غير محتمل، انعقد عليه إجماع الصحابة المتأخرين بعد شذوذ الخلاف من المتقدمين، فصار مردودًا بإجماع انعقد عن قياس جلي.

والثالث: أنها ردت باجتهاد ظاهر الشواهد، فلم يجز أن تمضي باجتهاد خفي الشواهد، لأن الأقوى أمضى من الأضعف، وإنما يتعارضان إذا تساويا في القوة والضعف، على أن الاجتهاد لم يكن في الحكم بشهادته، وإنما حكم، لأنه لا يعلم أنه عبد، ثم علم بعبوديته قطعًا، فوجب أن يقضي بعلمه على ما أشبه وأشكل.

فرع: هل يحتاج في نقض الحكم إلى حكم بالنقض من الحاكم، أم يتبين بذلك وقوعه باطلًا؟

قال الماوردي: أما إذا بانا كافرين، فلا يحتاج إليه، وإذا بانا عبدين، فوجهان مبنيان على الاختلاف في شهادة العبد، لماذا ردت هل بنص، أو إجماع [على ظاهر، أو اجتهاد ظاهر؟

<<  <  ج: ص:  >  >>