ولو كان الراجع شهود الزنى خاصة، فلا خلاف في ضمانهم، وفي قدر ما يضمنونه ثلاثة أوجه مبنية على الخلاف السابق: فإن قلنا: شهود الإحصان لا يغرمون، غرموا جميع الدية، وإن غرمناهما النصف، غرموا النصف، وإن غرمناهما الثلث، غرموا الثلثين.
ولو كان شهود الزنى خمسة، وشهود الإحصان كذلك، فإن قلنا: لا ضمان على شهود الإحصان، كانت الدية على شهود الزنى أخماسًا.
وإن قلنا: عليهم الضمان، فعلى الوجه الأول: يجب على كل [واحد] من شهود الزنى والإحصان عشر الدية.
وعلى الثاني: يجب على كل من شهود الإحصان ثلث خمس الدية، وعلى كل من شهود الزنى ثلثا خمسها.
فرع: لو شهد أربعة بالزنى، واثنان معهم بالإحصان، فرجم، ثم رجعوا، فإن قلنا: لا ضمان على شاهدي الإحصان في مسألة الكتاب، فكذلك هنا. وإن قلنا: عليهما الضمان، فهل يجب هاهنا؟ فيه وجهان في ((تعليق)) القاضي الحسين وغيره:
أحدهما: لا، لأن الرجوع عن الشهادة بمنزلة الجناية، فيصير كأن شاهدي الإحصان صدر من كل منهما جنايتان. والآخران صدر من كل منهما جناية واحدة، ولو كان كذلك، [لكان] الضمان عليهم بالسوية، فكذلك هاهنا.
وأظهرهما: أنه يجب على شاهدي الإحصان على وجه: نصف وربع الدية، وعلى وجه: ثلثا الدية، وعلى الآخرين على وجه ربع الدية، وعلى وجه: ثلثها.
ولو كان الراجع- والصورة هذه- أحد الشاهدين اللذين لم يشهدا بالإحصان، قال القاضي الحسين: فعليه ربع الدية على المذهب.
ومن أصحابنا من بنى ذلك على ما ذكرناه.
ولو كان شهود الزنى قد شهدوا بالإحصان، ثم رجع أحدهم عن الإحصان فقط- لا شيء عليه، على الأصح، [لأنه بقي بالإحصان ثلاثة، وكذا لو رجع آخر عن الإحصان فقط، لا شيء عليه على الأصح] ولو رجع ثالث عنه، فعليهم سدس الدية، أو ربعها.