للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلزمهما شيء، أي سواء قالا: تعمدنا الجميع، أو أخطأنا، لأن البينة بعد رجوعهما تعد باقية على إباحة دمه، وسقوط ضمانه، فلم يلزم الراجعين شيء، كما لو قتلاه بعد أن ثبت زناه وإحصان بشهادة غيرهما، وهذا ما نسبه الماوردي وغيره إلى اختيار ابن سريج، وأبو الطيب، وابن الصباغ.

وغيرهم نسبوه إلى اختيار الإصطخري، وقالوا: إن الشافعي نص عليه في ((البويطي))، وهو الذي صححه في ((التهذيب))، و ((الكافي)) و ((المرشد)).

وقال القاضي الحسين والإمام والفوراني: إنه المشهور. وقال الإمام في أثناء كلامه في التفريغ: إنه الصحيح.

وقيل: يلزمهما ثلث الدية، لأن القتل حصل بشهادة المجموع، ولو يتعين له شخص دون شخص، يدل عليه أنهم لو رجعوا بأجمعهم، لوزعت الدية عليهم، وإذا كان كذلك فهما ثلث الجملة، فوجب عليهما ثلث الدية، وهذا ما اختاره [المزني] وأبو إسحاق وادعى الفوراني أنه منصوص عليه في ((البويطي))، وعلى هذا إن كان في صورة يجب فيها القصاص على الجميع لو رجعوا الكل- وجب على الراجعين أيضا دون ما إذا قلنا بالأول، صرح به القاضي الحسين في باب الرجوع عن الشهادة، وهذا الخلاف جارٍ في كل صورة شهد فيها أكثر من النصاب، فرجع منهم من لم ينقص النصاب به، سواء فيه ما لا يثبت إلا بشاهدين، وما يثبت بالشاهد واليمين، وهو الأموال، وما ثبت بشهادة النسوة: كالرضاع، ونحوه.

وعلى الوجه الثاني يجب على الراجع بالنسبة، صرح به الفوراني، وغيره.

وقد حكى القاضي الحسين عن القفال في مسألة الكتاب فيما إذا قال الراجعان: تعمدنا قتله بشهادتنا، وقلنا بالأول: إنه يحتمل أن يقال: يلزمهما القصاص، لأن حكم القصاص لا يختلف بكثرة الجناة وقلتهم، بخلاف الدية، لأنها متجزئة.

قال: والصحيح الأل، وبالغ في ((الكافي) فقال: لا خلاف أنه لا قصاص عليه، يعني: وإن ثبت الخلاف في الغرم، وبه قال ابن الحداد، وقال: إنه يخالف ما لو شهدوا بالقتل، ثم رجع اثنان أو أكثر، وبقي النصاب، فإنه يجب

<<  <  ج: ص:  >  >>