إن شهدا بعد الشهادة بالنكاح، غرما، ويكون المغروم ما غرمه الزوج بالسوية بين الصنفين.
وإن أطلقا الشهادة فلا شيء عليهما، ويجب على شاهدي النكاح نصف الغرم، والله أعلم.
قال: وإن رجع شهود القتل بعد القتل، أي: في حد لله تعالى، أو في قصاص، فإن تعمدوا- أي: قتله بشهادتهم- لزمهم القصاص، لما قدمناه في باب ما يجب به القصاص.
قال في ((البحر)): ولا يجب عليهم مع ذلك التعزير، لدخوله في القود.
قلت: وكذا في حد القذف إن كان المشهود به زنى.
قال: فلو عدل عن القصاص إلى الدية، فهل يعزر؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، كالقصاص.
والثاني: نعم، لأن بالتعزيز تأديبًا يختص بالأبدان.
وهذا إذا كان المشهود [به] غير زنى، أما إذا كان زنى، فإن استوفى حد القذف فيظهر ألا يجب، لدخوله فيه، وإلا فعلى الخلاف فيما إذا وجب الحد، فعفا عنه.
قال: فإن أخطئوا لزمتهم الدية، لأن القاتل خطأ مباشرة هكذا حكمه، فكذلك بالسبب، ومعرفة خطئهم يستفاد من قوله: ظننا أن المشهود عليه هو فإذا هو غيره، وتكون مخمسة مؤجلة في مالهم، لأنها وجبت بالاعتراف، اللهم إلا أن تصدقهم العاقلة، [فتجب عليهم] كما قال القفال.
قال الإمام: وقد يرى الحاكم- والحالة هذه- تعزير الشهود، لتركهم التحفظ.
وفي ((تعليق)) القاضي بعد حكاية قول القفال: أنه فيه إشكالًا، لأن إيجاب الدية على عاقلة إنما يتعلق بالمباشرة.
وعن القاضي ابن كج حكاية عن أبي الحسن أن الشهود لو ادعوا على العاقلة عند إنكارهم العلم بخطئهم، وراموا تحليفهم- ليس لهم ذلك.
وقال القاضي ابن كج: ويحتمل عندي أن يقال: لهم تحليفهم، لأنهم لو أقروا لغرموا.