قال الماوردي: وهذه الطريقة أولى عندي من تخريج القولين، لأن ما أمكن حمله على الاتفاق كان أولى من حمله على الاختلاف.
وقد حكى عن أبي إسحاق أنه أقر النصين: الذي هنا، والذي في الرضاع على ظاهرهما، ولم ير تخريج القولين فيهما، كما صار إليه الإصطخري، وفرق بأن هناك وجدت حقيقة الفرقة، والفرقة قبل الدخول توجب نصف الصداق، وهنا لم توجد الفرقة في الباطن، والمغروم للحيلولة، والحيلولة وقعت بينه وبين جميع البضع، فلذلك غرموا جميع المهر.
ووراء ما ذكرناه من القولين قولان:
أحدهما:[أن] المغروم نصف المسمى.
والثاني: جميع المسمى، كما حكيناهما في كتاب الرضاع.
أما إذا كان الطلاق دون الثلاث، فقد قال الماوردي وكذا [القاضي الحسين]: إنه ينظر:
فإن كان قبل الدخول، فالحكم كما تقدم، لأنها تبين بالواحدة كما تبين بالثلاث.
وإن كان بعده: فإن كان بغير عوض، نظر:
فإن كان قد يكمل به ما يملكه، كما إذا كان قد طلقها طلقتين وهو حر، فشهدوا بالثالثة، رجع عليهم.
قال الماودري: لكن في قدر ما يغرمون وجهان:
أحدهما: ما كانوا يغرمونه لو كانت الشهادة بالثلاث، لأنهم منعوه بها من جميع البضع، كالثلاث.
والثاني: ثلثه، لأنه ممنوع من بضعها بثلاث طلقات، اختص الشهود بواحدة منها، فكان ثلث المنع [منهم]، فوجب ثلث الغرم عليهم، وعلى هذا لو كان الزوج قد طلقها واحدة، وشهدوا عليه بطلقتين، لزمهم الثلثان.
قلت: ولم يظهر فرق بين هذه الصورة وبين ما إذا طلقها واحدة قبل الدخول، وقد جزم بأن حكمها حكم الثلاث.