وقد وافق الخصم- وهو مالك، وأبو حنيفة- على أنه يرجع على الشهود قبل الدخول، فكذلك بعده.
قال الماوردي: والأولى عندي: أن ينظر:
فإن قدر الزوج على الاجتماع بها في الباطن، لا يرجع عليهم كي لا يجمع بين الاسبتاحة والرجوع، وإن لم يصل إلى الاستمتاع بها، لامتناعها عليه، تمسكا بظاهر التحريم، رجع، وفرع على هذا أنه لو شهد شاهدان بقذف امرأته، فلا عن الحاكم بينهما، ثم رجع الشاهدان، فاللعان في الظاهر على نفاذه في التحريم المؤبد، وأما في الباطن فيعتبر بحال الزوج.
فإن أمن من حد القذف حين لا عن، فالفرقة واقعة في الباطن، ولا رجوع على الشهود، لوقوع الفرقة بلعانه.
وإن خاف من حد القذف، لم تقع الفرقة في الباطن، ولا رجوع له على الشهود، إن أمكنته من نفسها، ويرجع عليهم إن منعته.
وما ذكره الشيخ في غرم مهر المثل هو المذهب، ووراءه قول آخر: أن المغروم المسمى، لأنه الذي فات على الزوج متقوما، والبضع ليس بمتقوم في الحقيقة، وقد حكينا مثله في الرضاع، ويشهد لهذا ما حكي عن القديم: أن المرأة لو كانت قد فوضت بضعها، وشهدوا بالطلاق قبل الفرض والمسيس- أن المغروم المتعة، وهو اختيار ابن الحداد.
وقال الأصحاب: إنه غلط.
قال: وإن كان قبل الدخول، ففيه قولان:
أحدهما: يلزمهم نصف مهر المثل، لأمرين:
أحدهما: أنه قدر ما ألزم، فإن النصف الثاني عاد إليه سليما، فصار كماك لو شهدا على المشتري بالإقالة، وقضى القاضي، ثم رجعا- لا يغرمان شيئا، لأنهما وإن فوتا عليه السلعة، ردا إليه الثمن.
والثاني: أنه قد رجع على الزوجة بنصفه، فلو رجع على الشهود بجميعه، لصار إليه مهر ونصف، وهو لا يستحق أكثر من المهر، وهذا ما نقله الربيع،