ووجب التوقف عن شهادتهم إلا ما تحققوه وأحاطوا علما به.
وإن قالوا: لم يقع ذلك عمدا ولا سهوا، ولكن لشبهة اعترضنا- ومثلها يجوز على أهل العدالة واليقظة- فهم على عدالتهم وضبطهم، لا يقدح ذلك في واحد منهما، وتقبل شهادتهم من غير ما رجعوا عنه، وأما ما رجعوا عنه لا فلا تقبل شهادتهم به وإن أعادوها بحال.
نعم قال الأصحاب: لو قال الشهود للحاكم بعد الشهادة وقبل الحكم: توقف، ولا تحكم، فلا يسوغ له الحكم، فلو قالوا له بعد ذلك: احكم بها، فإنا قد تيقنا السبب- ففيه وجهان في ((البحر))، وغيره، وفي ((تعليق)) القاضي الحسين حكايتهما قولين:
أحدهما: لا [نمضيها]، كما قالوا: غلطنا.
والثاني: نمضيها، وبه أجاب أحد الأصحاب والإمام، لكن هل يحتاج إلى إعادة تلك الشهادة؟ فيه وجهان في ((الوسيط)).
قال: وإن كان بعد الحكم، أي: وقبل استيفاء المحكوم به، فإن كان [في حد]، أي: لله تعالى، أو للآدمي: كحد القذف، أو قصاص- لم يستوف، لأنهما يسقطان بالشبهة، ورجوع الشهود يوجب شبهة.
فإن قيل: أليس قلتم: لو فسق الشهود في القصاص بعد الحكم وقبل الاستيفاء يستوفى على أحد الوجهين، فما الفرق؟
قيل: قد قال به بعض الأصحاب هنا، وطرده بعضهم في حد الله تعالى وحد الآدمي.
ومنهم من لم يطرده في حد الله تعالى، وادعى أنه المنصوص، كما حكاه في ((البحر))، وعلى هذا فلا فرق.
وعلى الأول، وهو الصحيح في ((البحر)) وغيره، وبه جزم ابن الصباغ والبندنيجي مع حكاية الخلاف في حالة الفسق قبل الحكم- فالفرق: أن الرجوع أقوى شبهة من الفسق، لأنهما يقران بأن شهادتهما زور، والفسق يورث شبهة في الشهادة مع إقامتهما عليها، فافترقا.
وفي ((الحاوي)): أن القصاص لا يستوفى، لأنه يرجع فيه بعد السقوط إلى بدل