فرع: لو كانت الدعوى من وكيل الولي على الآخرين، روجع، فإن صدق الأولين حكم بشهادتهما، وإن صدق الآخرين، وكذب الأولين، أو صدق الجميع، أو كذب الجميع- انعزل، ولا تبطل دعوى الموكل عن الآخرين، وهل تسقط عن الأولين؟ تقدم الكلام فيها، وقد ذكر الأصحاب هاهنا صورتين:
إحداهما: أن يشهد اثنان بالقتل على رجلين، فيشهدان على رجل غير الشاهدين بالقتل، أو على رجلين غيرهما.
والثانية: أن يشهد اثنان على رجل بالقتل، فيشهد أجنبيان على الشاهدين بالقتل.
والحكم فيهما مأخذه مما ذكرناه في مسألة الكتاب للمتأمل، فلا حاجة [بنا] إلى التطويل فيه، والله أعلم.
قال: وإن شهدوا بحق، ثم رجعوا عن الشهادة- فإن كان قبل الحكم، لم يحكم، لأن احتمال كذبهم في الرجوع مساو لاحتمال كذبهم في الشهادة، ولا يجوز الحكم مع الشك في صدق الشاهد فيما شهد به، كما لو جهل العدالة.
وأيضًا: فإن الكذب ملازم لقولهم: إما في الشهادة، أو الرجوع، والحكم بشهادة الكذاب ممتنع.
وعن أبي ثور: أنه يجوز أن يحكم، بناء على مذهبه في أن الفسق إذا طرأ قبل الحكم لا يمنع منه.
ولا نزاع عندنا في أنه يمنع، وكذا لو طرأت عداوة بين [الشهود، والمشهود عليه] أو وارثه، كما إذا شهد الأخ لأخيه بجراحة قبل الاندمال، وللمجروح ولد، فمات الولد، ثم الوالد قبل الحكم.
نعم لو طرأ على الشهادة قبل الحكم موت أو جنون أو [إغماء أو عمى] لم يمنع من الحكم.
ثم الراجعون عن الشهادة إن قالوا: تعمدنا الشهادة مع علمنا ببطلانها، فسقوا، وعزروا.
وإن قالوا: سهونا فيها، كان ذلك [قدحا] في حفظهم، لا في عدالتهم،