للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ولكن إثبات العداوة بمجرد الشهادة ضعيف، وهو متبع في ذلك إمامه.

تنبيه: كلام الشيخ يقتضي أمورًا:

أحدها: أن الساقط عند تصديق الآخرين الشهادة، ومفهومة: أن الحكم الدعوى مخالف لذلك، وقد قال الأصحاب: إن كانت شهادة الأولين وقعت بعد دعوى الولي أو وكيله، وقد عين له في التوكيل الدعوى على الآخرين، سقطت دعواه أيضًا، حتى لو أراد أن يقيم على قتل الأولين أجنبيين، لم تسمع شهادتهما، كما تسقط إذا صدق الجميع، أو كذب الجميع.

وإن وقعت حسبة، أو من وكيله، وقد أطلق الوكالة بالدم- لم تسقط، حتى لو أراد أن يقيم بينة على قتل الأولين له سمعت.

الثاني: أن المسألة مصورة بما إذا وقعت شهادة الآخرين عقيب شهادة الأولين، لأن وضع الفاء يقتضي الترتيب والتعقيب، وهذا ما ذكره الشافعي، فإنه قال في ((المختصر)): لو شهدا على رجلين أنهما قتلاه، وشهد الآخران على الشاهدين الأولين أنهما قتلاه، وكانت شاهدتهما في مقام واحد- فإن صدقهم ولي الدم معا بطلت الشهادة، وعلى ذلك جرى الأصحاب كافة في التصوير.

وقال القاضي السحين: لو تأخرت شهادة الآخرين عن ذلك المقام، لم يحتج إلى مراجعة، لأن الحاكم لا يصغي لسماع قولهما، بخلاف ما إذا كانا في ذلك المجلس، فإنه يصغي إليهما، لأنه في فصل خصومتهما، فإذا ابتدرا إلى كلمة الشهادة على الشاهدين، صارت مسموعة للحاكم لا محالة، وهذا مقو لتصوير المسألة بالصورة التي حكيناها عن الإمام وغيره.

ولو وقعت شهادة بعضهم على بعض، ولم يتقدم أحدهما على الآخر- الماوردي: فكلتا الشهادتين باطلة، لا يحكم بواحدة منهما، ولا يرجع فيها إلى دعوى الولي، لتعارض الشهادتين في التدافع بها، ويظهر مجيء الوجه المنقول عن رواية صاحب ((التقريب)) هنا في أنه يرجع إلى تصديق الولي.

الثالث: أن الولي لو كان صغيرًا، أو مجنونًا حالة الشهادة لا يحكم على الآخرين بالقتل في الحال، بل ينتظر البلوغ والإفاقة، لتحصل المراجعة، وهو أحد الوجهين في الحاوي، لتردد الشهادة بين إيجاب وإسقاط، فلم يحكم بأحدهما مع احتمالهما.

وعن أبي إسحاق أنه يحكم عليهما في الحال بالقتل بشهادة الأولين.

<<  <  ج: ص:  >  >>