للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الماوردي: لكن هل يلزم الحاكم أن يستعين الشهادة من الأولين بعد الدعوى؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا، لأنه لا يستفيد بها زيادة علم، وهذا ما أورده الإمام.

والثاني: نعم، ولا يجوز له أن يحكم بما تقدم من الشهادة، لأنه لا يجوز أن يكون الحكم سابقًا للدعوى.

وأما إذا كان الولي قد ادعى القتل على الآخرين فشهادتهما غير مقبولة، لما ذكرناه، ولتكذيبه لهما، فإنه بدعواه القتل عليهما نفى أن يكون غيرهما قتله.

قال: وإن كذب الأولين، وصدق الآخرين، أو صدق الجميع، أو كذب الجميع- سقطت الشهادتان.

ووجه ذلك إذا كذب الجميع ظاهر، وأما إذا صدق الجميع، فلأنه كذب كل واحدة من البينتين بتصديق الأخرى، لأن من شهدت بأن القاتل الآخران، اقتضت شهادتها أن لا قاتل له غيرهما، وكذلك من شهدت بأن القائل الأولان، اقتضيت شهادتها أن لا قاتل له غيرهما.

وأما إذا كذب الأولين، وصدق الآخرين، فلأنه بتكذيبه للأولين سقطت شهادتهما، وشهادة الآخرين غير مقبولة، [و] إن وقعت حسبة، لأنهما صارا عدوين للأولين، وهما بشهادتهما دافعان القتل عن أنفسهما، كذا قاله ابن الصباغ وغيره.

وفي ((الوسيط)) وراء ما ذكرناه أوجه فيما إذا وقعت الشهادة حسبة، وقبلناها:

أحدهما: رد الشهادتين من غير مراجعة الولي، إذ هما متكاذبتان، ولا ترجيح.

والثاني: أنه يراجع الولي، فأي البينتين صدقها، حكم بها، وبطلت الأخرى.

والفرق بين هذا وبين ما في الكتاب: أن الولي لو صدق الأخرى حكم على الأولين بالقتل على هذا الوجه، ولا كذلك ما حكيناه في الكتاب.

وهذان الوجهان نسبهما الإمام هكذا إلى رواية صاحب ((التقريب)).

والثالث: أنه يحكم بالشهادة الأولى، أي: من غير مراجعة، لأنها صحيحة، والثانية مردودة، لتهمة الدفع وللعداوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>