ولأنه [معنى] مبني على الكمال والتفضيل، ولا يتبعض، فوجب ألا يكون للعبيد فيه مدخل، قياسًا على الرجم.
والذي يدل على أنه مبني على التفضيل: أن شهادة المرأتين بمنزلة شهادة الرجل الواحد، ولا تقبل النساء في كل موضع، ويقبل الرجل في كل موضع.
والمكاتب، ومن [بعضه] حر وباقيه رقيق، والمدبر، وأم الولد- في ذلك كالقن.
قال: ولا صبي، ولا معتوه، لأنه إذا لم ينفذ قوله في حق نفسه إذا أقر، ففي حق غيره أولى.
وذكر الشيخ الصبي مع المعتوه، لأن المعتوه متفق على عدم قبول شهادته، فذكره ليقاس الصبي عيه، بجامع عدم التكليف، وإلا فذكره للمغفل يغني عنه، وقد استدل على منع قبول شهادة الصبي بقوله تعالى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} الآية [البقرة:٢٨٢]، لأن الصبي ليس من الرجال، ولأنه عدل عن الرجلين إلى الرجل والمرأتين، فدل على أنه لا يعدل إلى غيرهم [من] الصبيان، ولأنهم ليسوا ممن يرضون من الشهداء.
ولا فرق في الصبي بين أن يكون مراهقًا أو لا، ولا بين أن يحكم بصحة إسلامه أو لا، ولا بين أن يشهد في الدم والجراحات الصادرة من الصبيان مع غيره [قبل التفرق أو بعده، أو في غيرهما، لما ذكرناه.
وما ذكره الخصم في تعليل قبول شهادته في الدم والجراحات الصادرة من الصبيان مع غيره قبل] التفرق، لأنه يعسر إثباتها بغيرهم، لأنا ندبنا إلى تعليم الصبيان الرمي، فإذا لم نقبل شهادة بعضهم على بعض، أدى ذلك إلى إهدار الدم والجراح، لأنه لا يحضرهم الرجال إذا اجتمعوا للرمي- يبطل بشهادتهم على تخريق الثياب، وكسر القوس والسهم، وغير ذلك من الآلات التي معهم.
وأيضًا: فإن مقتضى ما ذكره قبول شهادة النسوة في الأعراس، والمآتم، والحمامات، لأنه لا يحضرهن غيرهن، وهو باطل بإجمال المسلمين.
قال: ولا مغفل، لأن المغفل: من كثر غلطه ونسيانه، ومن هذا حاله لا يؤمن غلطه في الشهادة، فلا يوثق به.